غزة | على الرغم من اليأس من إمكانية تطبيق اتفاق المصالحة الفلسطينية المعقود في الجزائر، عاودت السلطات الجزائرية تحرّكاتها الهادفة إلى البدء بخطوات عملية لإنهاء الانقسام، في وقت يستمرّ فيه رئيس السلطة، محمود عباس، في وضع اشتراطات لا تقبلها أغلب الفصائل. وبحسب ما علمته "الأخبار" من مصادر فصائليّة، فإن دعوة جزائرية وصلت إلى حركتَي "حماس" و"فتح" لإجراء مباحثات في العاصمة الجزائر، يُفترض توسيعها قبل نهاية الشهر الجاري، لتشمل جميع الأطراف المشاركة في الحوارات المنعقدة خلال الأشهر الماضية. وتكشف المصادر أن الجزائريين سيطلبون وضع آليات واضحة وسقوف زمنية لتنفيذ الاتفاق الذي وُقّع العام الماضي، بما في ذلك الإعلان عن مواعيد محدّدة للانتخابات، مضيفةً أن القيادة الجزائرية عازمة هذه المرّة على ممارسة "ضغوط كبيرة" على عباس للتراجع عن اشتراطاته التي تحول دون تطبيق بنود المصالحة.في الإطار نفسه، أكد عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، خليل الحية، أن حركته تلقّت دعوة من الجزائر لعقد مباحثات في النصف الأول من شهر كانون الثاني الجاري، مشدّداً على أن المصالحة الحقيقية تتطلّب التوافق على "خطوات الوصول إلى القيادة الوطنية، والبرنامج الوطني"، فيما رأى موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي ل"حماس"، أن "هناك فرصة لترتيب البيت الفلسطيني بشموليته من خلال الجهود الجزائرية الشقيقة"، معتبراً أن "علينا جميعاً كفلسطينيين أن نُنجح الجهود الجزائرية"، مؤكداً أن "الجزائر بلد قوي يستطيع أن يتحمّل أعباء المصالحة الفلسطينية وأعباء الثورة الفلسطينية وهو مستعدّ لذلك". من جهته، أشار الناطق باسم حركة "فتح"، جمال حمايل، إلى أن "هناك توجّهاً لعقد اجتماع للفصائل في الجزائر، لاستكمال ما تمّ التوافق عليه"، مؤكداً التزام حركته بـ"كافة البنود التي تم التوقيع عليها في إعلان الجزائر".
يدرك الفلسطينيون أنهم سيكونون أمام مرحلة أكثر قتامة وخطورة على غير صعيد


وفي 13 تشرين الأول الماضي، وقّعت فصائل فلسطينية وثيقة "إعلان الجزائر" في ختام أعمال مؤتمر "لمّ الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية". ونصّت الوثيقة على اتّخاذ الخطوات العملية لتحقيق المصالحة الوطنية عبر إنهاء الانقسام، وتعزيز وتطوير دور "منظمة التحرير الفلسطينية"، وتفعيل مؤسّساتها بمشاركة جميع الفصائل، وانتخاب المجلس الوطني الفلسطيني في الداخل والخارج حيثما أمكن بنظام التمثيل النسبي الكامل، والإسراع في إجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، وتوحيد المؤسّسات الوطنية الفلسطينية. كذلك، نصّ الإعلان على تولّي فريق عمل جزائري - عربي الإشراف على تنفيذ بنود الاتفاق، بالتعاون مع الجانب الفلسطيني.
على أن استمرار رئيس السلطة في وضع الاشتراطات المسبقة، يضائل من إمكانية تطبيق تلك البنود بالفعل. إذ اشترط عباس، أمام اجتماع لـ"المجلس الثوري لحركة فتح" مطلع الأسبوع، اعتراف جميع الفصائل بـ"منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، والقبول بالشرعية الدولية"، من أجل المضيّ بالمصالحة. لكن هذا المطلب تُعارضه مختلف الفصائل التي تريد إعادة بناء المنظّمة، والاتفاق على برنامجها السياسي، وإسقاط مسألة القبول بالشرعية الدولية التي تتعارض مع مبادئ حركتَي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" بخاصة، كونها تنطوي على الاعتراف بدولة الاحتلال.