السويداء | عاد الهدوء إلى محافظة السويداء بعد ما شهدته من أحداث الأحد الماضي، إثر تحوّل الاحتجاجات الشعبية التي بدأت في ساحة السير إلى صِدام مع الجهات الأمنية، تسبّب به مَن وصفهم بيان وزارة الداخلية السورية بـ«الخارجين عن القانون» لقيامهم باقتحام مبنى المحافظة وتخريبه، وإطلاق النار على حرس قيادة الشرطة، ما أدّى إلى مقتل شخصين وإصابة آخرين بجروح. في هذا السياق، وصفت مصادر في السويداء، في حديث إلى «الأخبار»، ما حدث في المدينة بأنه «محاولة ركوب لموجة الاحتجاجات من قبل جهات لم يُكشف عنها حتى الآن»، مشيرة إلى أن «التحرّك السريع من قبل وجهاء المدينة لاحتواء الموقف أبطَل مفاعيل تلك المحاولة، ودفع شرائح من السكان إلى مقاطعة دعوات الاحتجاج الجديدة خشية تحوّلها إلى صدام». بالتوازي مع ذلك، باشرت ورشات مجلس المدينة، صباح أمس، إزالة آثار التخريب الذي لحق بمبنى المحافظة، ونقل الآليات التي تعرّضت للحرق، في وقت عادت فيه الحركة الطبيعية تدريجياً إلى شوارع المدينة.وجاءت الاحتجاجات في السويداء تحت عنوان المطالبة بزيادة مخصّصات المحافظة من المحروقات، وزيادة عدد ساعات التغذية بالطاقة الكهربائية. إلا أن شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز، حمود الحناوي، قال، في حديث إلى «الأخبار»، إن «ما تعانيه البلاد من أزمات لا يمكن أن يتحوّل إلى سبب لتخريب المؤسسات الوطنية بوصفها ملكاً للشعب»، مشيراً إلى حدوث تواصل مع الحكومة السورية. ورأى الحناوي أن «المنطق هو ما يجب أن يحكم المطالبة بالاحتياجات»، معتبراً أن «تحمّل ظروف الحرب مسؤولية تقع على الجميع، ولا يمكن القبول بممارسات كالتي حدثت في المحافظة». من جهتها، وصفت مصادر ميدانية ما حصل بـ«الأحداث المركّبة»، موضحة أن «نيّة المتظاهرين كانت الاحتجاج على استفحال الفساد في مؤسّسات الدولة، وتوافر المحروقات بكميات كبيرة في الأسواق، وعدم توافرها في محطات الوقود، بعيداً عن أي أهداف سياسية»، مستدركةً بأن «ما حصل أن هنالك أشخاصاً دخلوا فجأة بأسلحة بين المتظاهرين المتوجّهين من ساحة المشنقة إلى مبنى المحافظة، وقاموا بإطلاق الرصاص وتخريب المبنى»، معتبرة أن «من قام بالتخريب مرتبط بالخارج حتماً، ويريد إسالة الدماء لإيقاع فتنة كبيرة». وفي مناسبات عديدة سابقة، شهدت السويداء احتجاجات لم يحدث فيها أيّ صدام مع الجهات الأمنية أو محاولات تخريب للمؤسسات الحكومية، وخصوصاً أن التوجّه الحكومي في المحافظة الجنوبية دائماً ما اتّسم بالحذر، ومحاولة تجنّب الاحتكاك مع المحتجّين. ولذلك، جنح مفتعلو العنف قبل يومين نحو المبادرة بأعمال التخريب، ومن ثمّ استدعاء الاشتباك مع القوى الأمنية.
وإذ تبدو دمشق حريصة على تهدئة الأوضاع في وقت تنشغل فيه بعدد من الملفات الحيوية، على رأسها العمل على استعادة وتيرة استيراد المشتقات النفطية التي سبّب نقصها أزمة تعيشها كل البلاد، فقد أنبأت التصريحات الصادرة عن رئيسة الهيئة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديموقراطية»، إلهام أحمد، بما يُراد لمنطقة السويداء أن تنحو نحوه، إذ أكّدت «دعم الإخوة الدروز في مطالبهم المتعلقة بسبل العيش، في وقت لا تزال فيه آلة النظام الأمنية تفتك بحياة السوريين»، معتبرةً أن «السويداء نموذج من سوريا التي يحكمها النظام». كذلك أصدر «مجلس سوريا الديموقراطية» بياناً رأى فيه أن «استمرار سلطة دمشق بالسياسات الصمّاء الرافضة لأيّ تغيير، سيبقيها عاجزة عن إنجاز أيّ تحوّل إيجابي»، مؤكداً «وقوف المجلس إلى جانب أبناء مدينة السويداء»، داعياً «الضامن الروسي إلى تحمّل مسؤوليته الكاملة تجاه أمن أهلنا وسلامتهم في السويداء».