صنعاء | شهدت الجبهة الجنوبية لمدينة مأرب، خلال اليومَين الماضيَين، مواجهات دامية بين الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» من جهة، وقوات الحكومة الموالية لـ«التحالف» من جهة ثانية، انتهت بسقوط مواقع جديدة تحت سيطرة صنعاء، ومقتل وإصابة العشرات من القوات المهاجِمة. وأفاد مصدر قبلي في المدينة، «الأخبار»، بـ«وقوع مقتلة كبرى لقوات الطرف الآخر في جبهة العكد الواقعة في المحور الرملي جنوبي المدينة، نتيجة قيام عناصر من حزب الإصلاح بتنفيذ زحْف عسكري في اتجاه مواقع قوات صنعاء في هذه المنطقة، أدت إلى سقوط أكثر من 50 قتيلاً وجريحاً من المهاجِمين، وأسْر ثمانية آخرين على يد قوات صنعاء» التي صدّت الهجوم وانتقلت في عملية معاكسة من الدفاع لتسيطر على العكد ومناطق في العريقات الواقعة في نطاق وادي عبيدة الشهير في مأرب. ووفق المصدر، فقد قُتل قائد العملية، عبدالله محسن سلامة، وعشرةٌ آخرون من أبناء المحافظة الذين كانوا يقاتلون في صفوف القوات الموالية لحكومة عدن. وذكر مصدر آخر أن المواجهات استمرّت قرابة الـ48 ساعة، فيما لا تزال عمليات الكرّ والفرّ والهجمات المباغتة متواصلة، بعدما شنّت قوات صنعاء هجوماً مضاداً سيطرت خلاله على مواقع كانت تستخدمها القوات المعادية في تنفيذ هجمات في الجبهة، جنوبي وادي عبيدة.وجاء التصعيد الجديد، بعد أيّام من لقاء جمع رئيس أركان القوات الموالية لـ«التحالف»، الفريق عزيز بن صغير، إلى قيادة «التحالف» في الرياض، حيث جرت مناقشة مسار المعركة والترتيبات التي تجري في مناطق مأرب ولحج والضالع لاستئناف التصعيد، الذي يضاف إلى تصاعد الخلافات بين تيار الإمارات وحزب «الإصلاح» في المدينة. كذلك، أتت المواجهات في أعقاب تعرُّض قيادي في تنظيم «القاعدة» كان من بين العناصر الذين يقاتلون في صفوف «الإصلاح»، للاغتيال شرقي وادي عبيدة. وقالت مصادر متطابقة في مأرب إن القائد العسكري للتنظيم في مأرب، استُهدِف بطائرة أميركية من دون طيار منتصف الأسبوع الماضي. وفيما تتّجه الاتهامات نحو الجماعات الموالية للإمارات بالوقوف وراء تقديم إحداثيات مكان القائد العسكري، أشارت المصادر إلى أن الغارة الأميركية استَهدفت بشكل مباشر منزلاً في منطقة الحدباء في مديرية الوادي شرقي مأرب، حيث كان يتواجد المسؤول العسكري لـ«القاعدة» في اليمن، عبد الواحد النجدي (سعودي الجنسية)، وأدّت العمليّة إلى مقتله وإصابة مساعده حسان الحضرمي.
أكد أبو بكر القربي تعثُّر المفاوضات بين صنعاء والرياض التي تتوسّط فيها مسقط


ولم تقتصر مؤشرات التصعيد العسكري على الجبهة الجنوبية لمأرب فحسب، إذ يعمل العدوان، وفق مصادر عسكرية في صنعاء، على استثمار ثبات اتفاق وقف إطلاق النار على مدى الشهرين الماضيين، وفشل الأمم المتحدة في تمديده، للانتهاء من ترتيباته العسكرية التي رُصدت في جبهات الضالع ولحج والبيضاء. وتزامن التصعيد أيضاً مع تحرّكات ديبلوماسية أوروبية - أميركية تركّزت على تثبيت التهدئة العسكرية، من دون أن تدفع نحو إحلال السلام؛ فالمبعوث الأميركي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، وضع، خلال جولته الأخيرة في المنطقة، والتي شملت كلّاً من سلطنة عُمان والسعودية، أمن إمدادات الطاقة على رأس الأولويات. وعقد المبعوث لقاءً افتراضيّاً مع وزير مالية حكومة عدن، ومحافظ البنك المركزي في المدينة، بحثوا خلاله الخيارات المتاحة لإعادة تصدير النفط اليمني، وتداعيات قرار حظر صنعاء إنتاج الخام وتصديره، والتدابير الأمنية للشركات الملاحية التي اتّخذتها الحكومة في عدن.
في هذا الوقت، أكّد وزير الخارجية اليمني الأسبق، أبو بكر القربي، تعثُّر المفاوضات بين صنعاء والرياض التي تتوسّط فيها مسقط، وذلك بعدما أَحرزت تقدُّماً ملموساً، ما يُنذر بعودة الحرب للتصدُّر من جديد. وأشار القربي، في سلسلة تغريدات عبر حسابة في «تويتر»، إلى أن ملفّات الموارد وصرْف المرتّبات والوجود العسكري الأجنبي في المطارات والجزر اليمنية، تسبّبت بوقْف المفاوضات، مبيّناً أن «التطوّرات المتلاحقة تشير إلى إمكانية العودة إلى تصعيد عسكري». وسبق تصريحات القربي بقليل لقاء جمع المبعوث الأميركي، إلى السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، بحثا خلاله الدفع بالعملية السياسية التي تقودها مسقط مع صنعاء، في موازاة الدفع بالأوضاع في هذا البلد نحو مزيد من التصعيد. وفي هذا الإطار، أعلنت الحكومة الموالية لـ«التحالف»، يوم أمس، أنها أقرّت إجراءات من شأنها تشديد القيود على دخول الوقود إلى مناطق سيطرة صنعاء، وفق ما نقلته قناة «الحدث» السعودية. ويرى مراقبون أن هذه الإجراءات ستمثّل بداية جولة تصعيد عسكري جديدة لن تستثني الرياض وأبو ظبي، وأشاروا إلى أن تهديدات وزارة دفاع صنعاء، التي توعّدت، قبل أيّام، بـ«معركة مختلفة لم يسبق للعدو أن واجهها، وتفوق كلّ توقّعاته وتجهيزاته العسكرية»، تؤكد أنها فتحت كلّ الأبواب لمساعي السلام، ولكنها وجدت نفسها مضطرة للعودة إلى مربع الحرب.