نيويورك | مع تفاقم الأوضاع الأمنية في ليبيا بما ينذر بدخول البلاد في أتون صراع بدأ يؤثر في دول الجوار، ومع غياب أي أفق للحل الداخلي بين الأطراف المتصارعة، لم تجد السلطات في طرابلس من معين لها سوى التوجه إلى مجلس الأمن الدولي لطلب المساعدة الأمنية والتقنية والسياسية.
وطلب وزير خارجية ليبيا، محمد عبد العزيز، أمس، من مجلس الأمن الدولي مساعدة أمنية وتقنية وسياسية من أجل إعادة الاستقرار إلى ليبيا المهددة بأن تصبح دولة فاشلة في وقت قريب حسب تعبيره. وقال عبد العزيز، في أثناء مشاورات في جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي حول الوضع في ليبيا، أمس، إن سيطرة مسلحين عقائديين على الكثير من مرافق الدولة حرمتها من ثلاثين مليار دولار خلال عام واحد من عائدات النفط، وجعل البلاد بؤرة لاستقطاب الإرهابيين من عدة دول، بمن فيهم العائدون من سوريا. وطلب بشكل محدد أن يستفيد مجلس الأمن الدولي من وجود ليبيا تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة من أجل نشر قوة استقرار بالتعاون مع دول الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي تتولى تدريب القوات المسلحة والشرطة وحماية المطارات والمنشآت النفطية والمساعدة على إعادة ضخ النفط إلى الخارج بعدما انحسر الإنتاج إلى نحو ٣٠٠ ألف برميل يومياً.
ولاحقاً، أوضح الوزير، أمام الصحافيين، أنه «لا يطلب تدخلاً عسكرياً» وإنما إرسال «فريق خبراء في مجال الأمن تابع للأمم المتحدة».
وتحدث عبد العزيز عن محادثات تمت بين وزراء خارجية دول الجوار، ولا سيما مصر وتونس والجزائر والتشاد والنيجر من أجل احتواء الخطر الذي ينتشر من الأراضي الليبية ويهدد تلك الدول، مضيفاً إن ليبيا قد تتحول إلى مصدر خطر رئيسي على أوروبا في حال فشل الدولة.
ورداً على سؤال «الأخبار» عن معنى طلب المساعدة الدولية في المجالات الأمنية والسياسية والفنية، في ظل سيطرة المجموعات المسلحة التي تمتلك ملايين قطع السلاح، أكد عبد العزيز أن «عملية نزع السلاح الذي تمتلكه المجموعات المسلحة لها بعدان: الأول سياسي، ونحن كليبيين مسؤولون عن الحوار مع المجموعات المسلحة لإيجاد قاعدة وبيئة مؤاتية لعملية نزع السلاح. والبعد الفني تأتي به الأمم المتحدة أو منظمة إقليمية أخرى ولديها خبرة في دول أخرى ودروس مستفادة في مجال نزع السلاح».
وشدد وزير الخارجية على أنه «إذا لم ينزع السلاح من ليبيا بطريقة مهنية صحيحة، فسيكون من الصعوبة أن تقوم الدولة بذلك لافتقارها إلى جيش قوي قادر على المواجهة وحفظ الأمن».
وأكد أن «تدهور الوضع الاقتصادي، وعدم قدرة الحكومة على تأمين الخدمات الأساسية، وأزمة الثقة بين الناس والحكومة، وبين الحكومة والمؤتمر الوطني العام، تعد من أهم التحديات التي تواجهها الحكومة الليبية حالياً».
ورداً على أسئلة الصحافيين، حدد وزير الخارجية 3 تحديات سياسية كبيرة تواجه بلاده في الفترة الحالية، الأول يتمثل في أن بعض الأطراف السياسية ترفع علم بناء الدولة وسيادة القانون، والبعض الآخر يرفع أيدلوجياته الخاصة بدلاً من رفع علم بناء ليبيا.
والثاني عدم وجود حوار وطني ذي مغزى وبرامج ومبادرات المصالحة الوطنية.
وأخيراً، الآثار السلبية لقانون العزل السياسي الذي أصفه بالكارثة لأن هدفه الأساسي هو ضمان العزل وليس التكامل.
وأكد أن ليبيا بين حلّين: إما أن تسير الدولة بطريقة صحيحة، أو أن تخرج الأمور عن السيطرة وتصبح دولة فاشلة، مشدداً على أن ذلك «ليس مسؤولية الليبيين فقط، وإنما هي مسؤولية كل شركائنا الدوليين والإقليميين».