دمشق | الأزمات تخترع تجارتها، وخير التجارة تلك التي «تعمي القلوب والدروب»، كما يسخر البعض من حال الكهرباء التي ارتفع عدد ساعات تقنينها في دمشق إلى 8 ساعات يومياً، وإلى أكثر من 14 ساعة في ريفها. ويعود ذلك إلى العمليات الحربية وأعطال خطوط الغاز التي تُستهدف أثناء المعارك لتتحول ورقة ضغط ميدانية، إضافة الى جرّ الكهرباء بطريقة غير قانونية في معظم المناطق، وخصوصاً التي تضم نسباً عالية من المهجرين مثل نهر عيشة وجرمانا والميدان وبستان الدور، ما يؤدي الى أعطال في محطات التوليد الضخمة.
من ساحة المرجة وسوق الكهرباء، تنتشر المتاجر الضخمة التي تستورد مولدات صينية، بلا رقابة أو وساطة بين التاجر والمستهلك. ويقول صخر خليفة، أحد مستوردي الأجهزة الكهربائية لـ«الأخبار»، إن «هناك إقبالاً على شراء المولدات البسيطة في مناطق مزدحمة، مثل الحلبوني والحمرا والصالحية... يعني معظمها تجاري، ولا أحد يضمن الصيني».
والمولدات البسيطة (1000 - 2000 شمعة)، يتراوح سعرها بين 25 و35 ألف ليرة، وتحتاج الى ما بين 500 و1000 ليرة وقود يومياً، وتشغّل إضاءة بسيطة وتلفزيوناً ومروحة. فيما يكتفي آخرون بالبطاريات التي تكلف 12 ألف ليرة، وتعمل على تشغيل الإضاءة فقط، أو بالاعتماد على ضوء الشموع التي يصل سعر الواحدة منها إلى 35 ليرة.

زيادة ساعات التغذية ليست مرضية بالضرورة للجميع، وخصوصاً الباعة

أما في المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة، فيشترك الناس في مولدات ضخمة تكفي لتشغيل كهرباء 12 منزلاً. وهي تعمل يومياً لمدة ساعتين أو أكثر قليلاً. «لتعبئة خزانات الماء ندفع طعاماً أو ثياباً للجهة المسلحة المسؤولة عن حارتنا لتأمين الماء والكهرباء لحوالى ثلاث ساعات. من حسن حظنا أن المسلحين هم من أهل المنطقة هنا!»، تقول رغد، التي تعيش في مخيم اليرموك.
ولا يملك معظم السوريين ثقافة التعامل مع المولدات الكهربائية، حتى إن بعضهم ينسى تغيير الزيت في الوقت المناسب. و«هناك تجّار يستوردون مولدات لا يوجد لها قطع غيار، لكنها رخيصة الثمن تتلف بعد مدة قصيرة»، يقول فني الصيانة أبو حسن في منطقة الدويلعة في دمشق.
قبل أيام، انتشرت شائعة في مدينة جرمانا عن دعوة الى التظاهر ضد وزير الكهرباء عماد خميس. لم تقطع الكهرباء تلك الليلة، وتحسنت في الأيام التالية تحسناً ملموساً. لكن السبب الحقيقي هو إصلاح خط الغاز الذي يغذي المنطقة الجنوبية، والذي ضربه المسلحون منذ شهرين في جيرود (ريف دمشق)، وتدخّل الوجهاء بين المسلحين والدولة حتى تم إصلاحه.
زيادة ساعات التغذية ليست مرضية بالضرورة للجميع، وخصوصاً الباعة: «اشترينا عشرات الأنواع مثل سانشو إيليماكس، كينغ مينكس، أسترا كوريا، أوسكار ستار، كيبور... مولدات ابتداءً من 15 ألف ليرة سورية، حتى الضخمة منها التي يصل سعرها الى 150 ألف ليرة... الأسعار ستنخفض مع تحسّن الكهرباء، أين نصرف هذه البضاعة!؟»، يسأل أبو عدنان، صاحب مخزن لبيع المولدات وصيانتها.