تونس | بالتوازي مع المبادرة التي قدمتها حركة «النهضة» التونسية حول اختيار رئيس توافقي للجمهورية، برز اسم كمال مرجان، في هذا الإطار على الساحة السياسية. وتسعى «النهضة» من خلال طرح مرجان مرشحا توافقيا، إلى ضمان تقاسم السلطة مع أنصار النظام السابق من «الدستوريين»، الذين يَعدّون كمال مرجان من أبرز رموزهم.
وكان قد جرى تداول اسم كمال مرجان خليفة لبن علي منذ عام ٢٠٠٦، بعد عودته إلى تونس التي غادرها في أواسط السبعينيات للعمل في الأمم المتحدة. وجرى تعيينه عند عودته في عام 2005، وزيراً للدفاع، واستمر في هذا المنصب إلى ١٤ كانون ثاني ٢٠١١، تاريخ تعيينه على رأس وزارة الشؤون الخارجية.
ومرجان الذي أسس حزب «المبادرة»، الذي تحوّل في ما بعد إلى «المبادرة الوطنية الدستورية»، لم يرتبط اسمه بأي قضايا فساد أو سوء تصرّف أو تعذيب. وهو الشخصية الوحيدة من المنتمين الى النظام السابق، التي بادرت إلى الاعتذار. ورأت أن النظام السابق، ارتكب أخطاء في ملف العدالة وحقوق الإنسان والحريات السياسية.
كما أن حزبه هو الحزب الوحيد من الأحزاب المنحدرة من الحزب الحاكم سابقاً، الذي ترشّح في وحاز أكثر من ١٠٠ ألف صوت في مختلف أنحاء البلاد، وأربعة مقاعد في «المجلس الوطني التأسيسي».
ويحظى مرجان بتقدير كبير في أوساط المعارضة. وكان قد انسحب من حكومة محمد الغنوشي الثانية كوزير للخارجية، بعد الضغط الذي مارسه الشارع الغاضب آنذاك، وما ترتب عليه من استقالة محمد الغنوشي وتولي الباجي قائد السبسي رئاسة الحكومة في أواخر شباط ٢٠١١.
وبرغم مبادرة «النهضة» لاختيار رئيس توافقي، التي لم تلقَ صدى من الأحزاب السياسية، إلا أن بعض هذه الأحزاب اتهم الحركة بسعيها إلى مصادرة حق الشعب التونسي في اختيار رئيسه على نحو مباشر وبطريقة ديموقراطية لأول مرّة، الأمر الذي لم يكن ممكناً قبل سقوط النظام السابق.
وكان مجلس الشورى لحركة «النهضة» قد جدّد، خلال اجتماعه يومي السبت والأحد، تمسكه بالمبادرة التي قدمتها الحركة، منذ أيام لاختيار رئيس توافقي.
ومع إعلان رئيس حركة «النهضة» راشد الغنوشي، ظهر الأحد، إمكانية ترشيح مرجان للرئاسة، خرج طرح مرجان من سياق التسريبات أو التخمينات، إلى العلن.
وفي الوقت الذي التزم فيه مرجان الصمت، أكد أحد قادة «المبادرة الوطنية الدستورية» محمد الصافي الجلالي، أنه لا صحة لما يجري تداوله عن تقارب بين «النهضة» و«المبادرة»، فيما رأى بعض النشطاء في الأحزاب الدستورية، أن ترشيح «النهضة» لمرجان، مناورة المقصود منها إحداث انشقاق وخلافات بين مكونات العائلة الدستورية، التي استعادت المبادرة في الشارع التونسي، والتي قد تكون لها الكلمة الفصل في الانتخابات المقبلة. ورأى انصار «حركة نداء تونس»، أن المقصود بترشيح كمال مرجان لرئاسة الجمهورية، قطع الطريق على الباجي قائد السبسي. وهي بذلك، تسعى إلى إحداث شرخ بينه وبين مرجان، الذي يعد صديقه.
وفي هذا الإطار، تشير التحليلات إلى أن «النهضة» ستتخلى عن مرجان مع اقتراب الانتخابات، لتطرح مرشحها الحقيقي، الذي قد يكون أمينها العام السابق حمادي الجبالي.
وإضافة إلى ذلك، ارتفعت أصوات بعض اليساريين الذين عبروا عن رفضهم المطلق لمرجان، لاعتبارهم أنه يمثل جزءاً من المنظومة التي ثار عليها الشعب التونسي. أما حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» و«تيار المحبة» و«حركة وفاء» و«التكتل من أجل العمل والحريات» و«الجبهة الشعبية»، فلم يصدروا مواقف رسمية، لكن مواقفهم واضحة، وهي رفض عودة كل ما يتعلق بالنظام السابق تحت أي عنوان.