تُحاول أنقرة طمْأنة المعارضة السورية بأن أيّ حوار مع دمشق لن يكون على حسابها، وأنها ستضغط في اتّجاه إطلاق عملية سياسية أكثر جدّية، ترى تركيا أن الحكومة السورية تحتاج إليها من أجل التخلّص من الحصار المفروض عليها، وفق ما تقول مصادر قيادية في «الائتلاف السوري» المعارِض لـ»الأخبار». لكن المصادر نفسها تؤكد أن قيادات «الائتلاف» تجد أن ما قُدّم لها من تطمينات تركية غير حقيقي؛ فالمصلحة التركية تقوم على ضمان تأمين الحدود وعدم تحوُّل الأراضي الشمالية من سوريا إلى بؤرة تهديد للأمن القومي التركي، و»في مقابل ذلك، لا بدّ لها من تقديم تنازلات لن تقبل دمشق بأن تكون أقلّ من تصفية سلاح المعارضة وعودة الشمال إلى السيادة السورية».مع ذلك، تَلفت المصادر إلى أن قيادات «الائتلاف» باتت ملزَمة بتهدئة الشارع في مناطق الشمال، ودفْع الفصائل المسلّحة المنضوية تحت راية ما يعرف بـ«الجيش الوطني» نحو ممارسة دورها في منع التظاهر المضادّ لتركيا أو الإساءة إلى رموزها حتى وإن تطلّب الأمر استخدام القوة، مع الاستعداد لتبني أيّ نصّ تضعه أنقرة للحوار السياسي مع الحكومة السورية. على أن قيادة «الائتلاف» ستحاول البحث لنفسها عن ضمانات من غير الأتراك، فيما قد يكون الانتقال إلى العاصمة السعودية هو الخيار الوحيد المتاح لها، في حال وجدت الرياض في ما ستطرحه المعارضة مصلحة لها، بحسب المصادر نفسها. كما أن «الائتلاف» قد يذهب نحو التواصل مع شخصيات مِن مِثل رياض حجاب، خصوصاً أن الأخير قد يحاول تصيُّد الفرصة للدفع بمشروعه لتشكيل جبهة معارضة بديلة قُدُماً، الأمر الذي قد يجذب قوى متعدّدة بعد تنامي الإحساس بخطر تركيا على المعارضة من جهة، واستشعار الانسياق التامّ من قِبَل «الائتلاف» للرغبات التركية من جهة أخرى. وفي خضمّ ذلك، تَكشف المصادر عن ارتفاع أصوات التخوين، واشتداد الخلافات الداخلية، ولا سيما مع عودة مطالب إزاحة سالم المسلط وفريقه من القيادة، نظراً إلى كونه نفّذ إعادة هيكلة لـ«الائتلاف» تتناسب والمزاج التركي، مُسقِطاً من حساباته ما تحتاج إليه المعارضة.
قيادات «الائتلاف» تجد أن ما قُدّم لها من تطمينات تركية غير حقيقي


وتعتقد المصادر أن «الائتلاف» لم يُطرد بعد من أنقرة، كونه يمثّل إحدى أوراق القوة التي ستدعم الموقف التركي على الطاولة، معتبرة أن «مصير المعارضة والسيطرة على مناطق الشمال» هو ما ستُفاوض عليه تركيا مقابل تحقيق ضمانات أمنها القومي. وعليه، فإن قيادات «الائتلاف»، وعلى رأسها المسلط، تتخوّف من منعها من مغادرة الأراضي التركية ووضعها تحت الإقامة الجبرية. ومردّ هذه المخاوف إلى تحسُّب تركيا لاحتمال تحوُّل تلك القيادات نحو موالاة أطراف منافِسة للأولى، مِن مِثل السعودية التي قد لا تتأخّر في قبول احتضان «الائتلاف» بهدف تحقيق مكاسب سياسية في الملفّ السوري، خصوصاً بعد تراجع دورها في السنوات الأخيرة بشكل كبير، وذلك لحساب أنقرة التي تمكّنت من إحكام سيطرتها على «الائتلاف» بشكل كامل.