لم تمرّ ساعات قليلة على اعتداء الطائرات الأميركية على نقاط للقوات الرديفة للجيش السوري في منطقة عياش في دير الزور، حتى ردّت هذه المجموعات المقاتِلة باستهداف قاعدتَي «التحالف الدولي» في حقلَي كونيكو والعمر في ريف دير الزور الشرقيّ، واللتين تستضيفان جنوداً أميركيين وبريطانيين وفرنسيين، وهو ما أسفر عن وقوع إصابات في صفوف قوات «التحالف». وبالتوازي مع ذلك، عاود الطيران المروحي المعادي استهداف المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش السوري في الميادين ودير الزور، من دون أن ترشَح معلومات عن وقوع خسائر في الأرواح. وأفادت مصادر ميدانية، «الأخبار»، بأن «فصائل المقاومة الشعبية استهدفت حقل العمر بسبع قذائف صاروخية سقطت جميعها داخل الحقل، بالإضافة إلى استهداف حقل كونيكو بثلاثة صواريخ ليل الأربعاء، وصاروخَين صباح الخميس»، أدّت إلى إصابة خمسة جنود من «التحالف»، بينهم ثلاثة أميركيين واثنان من جنسيات أخرى، وإلى إحداث أضرار مادّية كبيرة في الموقع. ودفَع هذا التطوّر «التحالف»، وفق المصادر، إلى استنفار قواته، والطلب من قيادة «قسد» نشْر مقاتلين على امتداد سرير نهر الفرات الفاصل بين مناطق سيطرتها وتلك التي تقع تحت سيطرة الجيش، تحسّباً لوقوع هجمات من الأخيرة ضدّ الأولى.من جهتها، أقرّت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، بتعرّض قواعدها للقصف، لافتةً إلى أن «عدّة صواريخ سقطت داخل محيط قاعدة إسناد المهمّة في كونيكو... وبعد مدّة وجيزة، سقطت صواريخ بالقرب من موقع إسناد المهمّة في القرية الخضراء (حقل العمر)». وأشار البيان إلى أن «القوات الأميركية ردّت على هجمات صاروخية على موقعَين في سوريا، ودمّرت ثلاث سيارات ومعدّات تُستخدم لإطلاق الصواريخ»، متحدّثاً عن مقتل ثلاثة من المسلّحين الذين يُشتبه في أنّهم مدعومون من إيران. ولاحقاً، أعلن «البنتاغون» وضْع القوات الأميركية في سوريا والعراق في حالة تأهُّب، في إشارة إلى إمكانية تصاعُد الهجمات ضدّها في هذين البلدَين. ولعلّ ممّا يعزّز مخاوف واشنطن في هذا السياق، هو أن المجموعات المقاتِلة التي اعتادت أن تستهدف محيط القواعد الأميركية بقذائف «الهاون» والقذائف الصاروخية، من دون إلحاق أضرار مادية كبيرة بالقواعد نفسها، تعمّدت - هذه المرّة - إسقاط كافّة الصواريخ على مقرَّي القاعدتَين، بهدف إحداث أكبر ضرر ممكن فيهما، والتأكيد أن الاستهدافات التالية ستصيب مباشرة تلك المواقع، من أجل مضاعفة الضغط العسكري على الأميركيين. وربّما يعكس الإعلان الأميركي عن حالة التأهُّب، وصول معلومات استخبارية عن احتمال التصعيد عسكريّاً ضدّ قواعد «التحالف» في كلٍّ من سوريا والعراق، في ظلّ توافق سوري - روسي - تركي - إيراني، على ضرورة خروج الأميركيين من سوريا.
ويتقاطع ما تقدَّم، مع توقّعات مصادر ميدانية مطّلعة أكدت، لـ«الأخبار»، أن «تمكُّن المقاومة الشعبية من إيقاع إصابات في صفوف الأميركيين، يمثّل بدايةً لتصعيد شامل ضدّ الوجود الأميركي غير الشرعي في سوريا»، مرجّحةً أن «تشهد الأيام المقبلة مزيداً من الاستهدافات الصاروخية، وحتى البرّية لقواعد وتحرّكات التحالف في كلٍّ من دير الزور والحسكة والتنف». واعتبرت المصادر أن «استخدام المقاومين لمنصّات الصواريخ المتنقّلة، ستجعل من إمكانية ملاحقتهم وتصفيتهم صعبة». ويبدو أن التحرّكات الروسية - الإيرانية للحثّ على إحداث تقارب بين دمشق وأنقرة، تشمل أيضاً اتّخاذ إجراءات ضدّ الوجود الأميركي، بهدف إرغام الولايات المتحدة على الانسحاب من المناطق التي تحتلّها. وتحتاج هذه الجهود لنجاحها، إلى أن ترفع واشنطن يدها عن الأكراد، وهو ما لن يحصل إلّا في حال الانسحاب الكامل من المنطقة، الأمر الذي سيجعل من إمكانية حلّ ملفّ «قسد» أكثر سلاسة. ويُتوقّع أن يتوازى التصعيد الميداني ضدّ الأميركيين في دير الزور والحسكة، مع زيادة في عدد الغارات الروسية على التنف، واستهداف مقرّات «جيش مغاوير الثورة» المدعوم من واشنطن، ما سيشكّل بدوره عامل ضغط إضافيّاً على الأميركيين. ويأتي ذلك في وقت ذكرت وسائل إعلام روسية أنه «تمّ رصْد تحرّكات للإرهابيين على شاحنات صغيرة تحمل هاون، استهدفت دورية مشتركة سورية - روسية، ما أدّى إلى استشهاد جندي سوري وتعطُّل عربة مصفّحة روسية». وبحسب المصادر، فإنه «نتيجة للدعم الأميركي للإرهابيين في منطقة التنف، زاد نشاطهم الإرهابي أخيراً، واستهدفوا بطائرة مسيّرة مذخّرة نقاطاً للجيش السوري في البادية، ما أدى إلى إصابة جنديَّين بجروح».