استعاضت تركيا عن شنّ عملية عسكرية جديدة ضدّ «قوات سورية الديموقراطية» في الشمال السوري، لم تستطع نيْل ضوء أخضر لها من أيٍّ من الأطراف المعنيّة، بتكثيف ضرباتها المدفعية والجوّية لمواقع «قسد»، وتوسيع دائرتها لتشمل نقاطاً خارج خريطة التماس المباشر، مِن مثل القامشلي وعامودا والدرباسية، بل وتقترب من مدينة عين العرب، وجميعها مناطق «كانت محميّة بتطمينات أميركية»، وفقاً لِما تقوله مصادر كردية مُعارضة لـ«الأخبار». وتفسّر المصادر كثافة الضربات التي تنفّذها المسيّرات التركية، بوجود «اتّفاق غير معلَن بين أنقرة وواشنطن، يقضي بمنح الأولى الضوء الأخضر لتصفية مَن تراه تهديداً لأمنها القومي». وإذ تَلفت إلى أن رسائل الطمْأنة الأميركية انحصرت فقط بعدم وقوع اجتياح برّي للمناطق ذات الصبغة الكردية، فهي تشير إلى أن قيادات «الإدارة الذاتية» باتت تدرك ألّا مفاعيل حقيقية لتلك التطمينات على أرض الواقع، حيث يغيب أيّ ردّ فعل على الاعتداءات التركية المتصاعدة من قِبَل «الحلفاء»، فيما تتزايد احتمالات انفتاح أبواب الحوار السياسي بين أنقرة ودمشق، وهو ما يرى قادة الفصائل الكردية أنه سيأتي على حسابهم.وليست ثمّة إحصائيات دقيقة حول عدد عمليات الطيران التركي في سوريا، إلا أن وسائل الإعلام المُوالية لـ«قسد» تُحصي منذ بداية العام الحالي، 66 ضربة في مناطق متفرّقة من الشمال الشرقي، أدّت إلى مقتل 41 عنصراً من «الإدارة الذاتية»، وجرح 77 آخرين. وعلى رغم إصدار «التحالف الدولي» بياناً دان فيه استهداف المسيّرات التركية «مجموعة من القاصرات وهنّ يلعبن الكرة الطائرة» في الـ18 من الشهر الحالي، إلا أن ذلك لا يُعدّ كافياً بالنسبة للقيادات الكردية التي طالبت من خلال تصريحات مسؤوليها، وبيان مشترك لثلاثة وثلاثين حزباً تعمل تحت لوائها، بمواقف أكثر حزماً، علماً أن «التحالف» لم يُدِن أيّ عملية سابقة لسلاح الجوّ التركي، بما فيها تلك التي استهدفت النائبة السابقة لقائد «قوات سوريا الديموقراطية» سلوى يوسف، في الـ23 من تموز الماضي بالقرب من القامشلي.
بات استهداف قرى خطّ التماس المباشر في محافظات الحسكة والرقة وحلب شبه يومي


ومنذ ثلاثة أشهر، بات استهداف قرى خطّ التماس المباشر في محافظات الحسكة والرقة وحلب، بقذائف المدفعية و«الهاون» شبه يومي. ولا يعني ذلك أن الفترة السابقة كان خاوية من الاعتداءات، لكن اللافت أن تركيا، وبعد أن انتشر الجيش السوري في عدّة نقاط إضافية في ريف حلب الشمالي الشرقي، ووسّع نقاطه السابقة، اتّجهت إلى ضرب أهداف في مناطق جديدة. وتُعدّ البقعة الممتدّة بين بلدتَي أبو راسين وتل تمر في ريف الحسكة الشمالي الغربي الأكثر تأثُّراً بتداعيات القصف التركي، حيث خرجت خطوط نقل الطاقة الكهربائية عن العمل 24 مرّة منذ بداية العام الحالي، فيما تأثّرت قدرة آبار علوك على ضخّ مياه الشرب نحو مدينة الحسكة. وإلى جانب معاناتها من العمليات العسكرية، تعاني «قسد» من اختراق صفوفها من قِبَل الاستخبارات التركية، وهو ما يدفعها إلى شنّ عمليات مداهمة واعتقال بشكل مستمرّ، خصوصاً في قرى ومخيّمات شمال الرقة. وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار»، فإن تعداد مَن اعتقلتهم «قسد» من عناصرها المنتشرين في عين عيسى وحدها، بلغ 28 شخصاً متّهمين بالتعاون مع الفصائل الموالية لتركيا، وتسريب معلومات أمنية حسّاسة تتعلّق بمستودعات الأسلحة وخريطة الانتشار وتحرّكات قادة النقاط التابعة لـ«الإدارة الذاتية».