غزة | لم تسمح حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» بتعميق الشرخ الذي خلّفه انكفاء الأولى عن المشاركة العسكرية في معركة «وحدة الساحات». إذ عَقدت الحركتان اجتماعاً موسّعاً في قطاع غزة عصر أوّل من أمس، بمشاركة القيادة السياسية والعسكرية والميدانية، وأصدرتا في أعقابه بياناً مشتركاً أكّدتا فيه رفع مستوى التنسيق العسكري والسياسي، ودعتا عناصرهما وأنصارهما إلى مزيد من التلاحم والتقارب، واعدتَين بأن الردّ على أيّ غدر إسرائيلي مرتقَب سيكون «حازماً وحاسماً وموحداً». وبينما تزايدت الإشاعات عن مصير غرفة العمليات المشتركة عقب الجولة الأخيرة، جزم البيان بأن «الغرفة منجَز وطني يضمّ فصائل المقاومة كافة في إطار موحّد لإدارة المواجهة مع الاحتلال، وفي المقدّمة منها كتائب القسام وسرايا القدس، وسنعمل جميعاً على تعزيز دورها ومكانتها حتى التحرير والعودة». ورأى مسؤول المكتب الإعلامي لـ«الجهاد»، داود شهاب، أن «أهمية الاجتماع تكمن في التأكيد على العلاقة المتينة بين الحركتَين»، قائلاً في تصريح صحافي: «نُطمئن أبناء شعبنا إلى أن العلاقة بين حماس والجهاد هي الضمان الأساسي لاستمرار مشروع المقاومة على كلّ المستويات (...) الحركتان أثبتتا أنهما أقوى من كلّ محاولات دقّ الأسافين التي يسعى الاحتلال من خلالها إلى تحقيق أهدافه». بدورها، أوضحت مصادر في «الجهاد»، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الاجتماع جاء في إطار إجهاض المخطَّط الإسرائيلي للإيقاع بين الحركتَين»، لافتاً إلى أن «الإسرائيليين ذهبوا بعيداً في طموحهم إلى توتير العلاقة بين حماس والجهاد، إذ قدّروا أن من الممكن أن تتحوّل الأولى التي تتحمّل عبء إدارة القطاع، إلى قوّة رادعة للفعل المقاوم، تتولّى هي كبح مساعي المقاومة للردّ على جرائم الاحتلال». وأشارت المصادر إلى أن «الاجتماع جاء في ظلّ تَوفّر معطيات عن نيّة الاحتلال توجيه ضربة غدر جديدة للمقاومة، إذ لا تُفارق الطائرات المسيّرة سماء غزة، كما عزّز الاحتلال وحدات القبّة الحديدية في عسقلان (...) في هذا التوقيت الحساس، قرّرت قيادتا الحركتَين إعادة الأوضاع إلى سياقها السليم، إذ إن أيّ عملية أو جولة تصعيد يفرضها الاحتلال على القطاع، ستُشارك قوى المقاومة كافّة وعلى رأسها السرايا والقسّام في التصدّي لها، بما يعزّز حالة التلاحم ويقطع الطريق على الاستفراد وزرع الفتنة ودقّ الأسافين».
الاجتماع جاء في إطار إجهاض المخطَّط الإسرائيلي للإيقاع بين الحركتَين


من جهته، ذكّر الباحث والمحلّل السياسي، إسماعيل محمد، بأن العلاقة بين قاعدتَي الحركتَين عقب معركة «وحدة الساحات» لم تكن في أحسن أحوالها، لافتاً إلى أنه «كان هناك احتقان شديد، وتلاسن وجدل في مواقع التواصل الاجتماعي، وكان لا بدّ من وضع حدّ له كي لا يأخذ منحى أكثر خطورة». وكشف محمد أن «الاجتماع تَرافق مع تعميمات داخلية أصدرتها القيادتان، بضرورة تجنُّب كلّ ما يثير الخلاف ويصبّ الزيت على الفتنة، لأن من يعمل في الاتجاه المخالف يضع نفسه في دائرة خدمة العدو الإسرائيلي من حيث لا يدري». أمّا عن الرسائل العسكرية، فأعرب عن اعتقاده بأن «الجولة الأخيرة فتحت شهيّة إسرائيل لاستخدام ورقة الحاجات الإنسانية، للاستفراد بأيّ مكوّن دون سواه، ولذا، فإن السرايا والقسّام أرادتا القول إن ثمّة قواعد اشتباك جديدة، لن يُسمح فيها بأخذ أيّ من مكوّنات المقاومة غدراً وغيلة، مهما كانت الضغوط والظروف الإنسانية والميدانية».
وفي الاتّجاه نفسه، أكد الكاتب الصحافي عزت جمال أن «الاجتماع لم يأتِ في سياق العلاقات العامّة فحسب، بل اتّفقت القيادة العسكرية والسياسية على تشكيل لجان خاصة تضْمن وحدة القرار والموقف سياسياً وإعلامياً وميدانياً»، فيما أفاد الكاتب والمحلّل السياسي المقرّب من «حماس» مصطفى الصواف بأن الجلسة «تخلّلتها مراجعة لِما حدث سابقاً، إذ وضع المجتمعون كلّ معطيات الجولة الماضية على طاولة البحث والدراسة، بهدف استخلاص العِبر وتمتين وحدة الصفّ».
جدير بالذكر أن الاجتماع القيادي تَرافق مع حركة نشطة لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية، إذ حلّقت أكثر من 15 طائرة في أجواء المربّع الذي عُقد فيه الاجتماع.