الخليل | يوازي الاحتلال بين أهدافه في أحلك الظروف. هذا الامتياز هو ما يجعله يتفوق على الفلسطينيين في مراحل كثيرة من الصراع. من خطر بباله أن إسرائيل خلال بحثها عن جنودها الثلاثة تدمر المصالح التجارية المنافسة لإنتاج المستوطنات؟
القصة تكررت مجددا في الخليل، أبرز المدن الفلسطينية اقتصاديا وأكثرها تميزا في المنتجات حتى على مستوى المنطقة العربية. خلال الحملة الأخيرة، وتحديدا قبل العثور على جثث المستوطنين، هاجمت قوات الاحتلال مصنع «الريان» للألبان وصادرت معداته مع التهديد بهدمه. المصنع يتبع للجمعية الخيرية في المدينة، ويعمل فيه، وفي فروعه المنتشرة في الضفة المحتلة، نحو 520 موظفًا، كما يخدم بإيراده ما يقارب 3500 يتيما. وهذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها الاقتصاد الفلسطيني، لكن التوقيت والمرحلة لافتان، ولاسيما أن «الريان» يضاهي بإنتاجه المصانع الإسرائيلي.
«الأخبار» تابعت القضية مع رئيس الجمعية الخيرية، القاضي حاتم البكري، الذي قال إن الهجوم على الجمعية ومصانعها «هدفه ضرب العمل الخيري بالذات، ثم القوة الاقتصادية لهذه المؤسسات التي أصبحت تنافس ما تصنعه المستوطنات»، معقبًا: «لا توجد لدينا خطة واضحة للمواجهة لكنا قررنا على الأقل صرف راتب خلال شهر رمضان للعاملين، رغم أن ما حدث سيضر بالإيراد الذي يعود إلى الأيتام».
وكان مجلس التنظيم الأعلى الإسرائيلي قد أصدر قرارًا بإزالة المصنع بحجة أنه بناء غير مرخص ويخالف القانون، لكن الجهات المسؤولة قدمت التماسًا لدى المحاكم الإسرائيلية ضد قرار الإزالة، ولا تزال القضية أمام تلك المحاكم.
رسميًّا، استنكر المدير العام لمديرية الاقتصاد في الخليل، ماهر القيسي، إجراءات الاحتلال بحق «الريان»، مؤكدًا أن هذ المصنع مرخص رسميا في وزارة الاقتصاد. وذكر لـ«الأخبار» أن الطاقة الإنتاجية لمصنع الألبان كانت تصل حوالي 5 أطنان يوميا، «لكن الاحتلال صادرت جميع معداته ما سبب خسائر فادحة وصلت حوالي مليون دولار». وبين القيسي أن مصادرة المصنع والتهديد بهدمه لم يأت في سياق الرد على عملية الخليل، «بل هو رد على مقاطعة بضائع المستوطنات»، مشيرًا إلى أن الحكومة وضعت على جدول أعمالها ضرورة تعويض ملاك المصنع.
وهو نفس ما ذهب إليه نائب محافظ الخليل، مروان سلطان، الذي قال لـ«الأخبار» إن لمصنع الريان قصة نجاح كبيرة أدت إلى رواج منتجاته في الأسواق المحلية، مكملا: «لقد استطاعت منتجات الريان المنافسة في الأسواق الأسواق الإسرائيلية».
على صعيد الإجراءات العملية لمواجهة ضرب اقتصاد الخليل، أوضح رئيس اتحاد جمعيات حماية المستهلك في فلسطين، عزمي الشيوخي، أن الاستهداف الإسرائيلي يسعى إلى هدف أكبر هو إعدام عملية الإنتاج والتنمية المستدامة. وبيّن في حديث مع «الأخبار» أن تدمير المصانع يجعل المستهلك الفلسطيني مضطرًا إلى شراء منتجات الاحتلال والتبعية الاقتصادية له. وأضاف الشيوخي: «الاقتصاد هو الركيزة الأولى نحو الدولة، لذلك يجب أن نواجه بجانب برامج تهويد الأرض، تهويد الإنسان والمقدرات الاقتصادية».