الخرطوم | على رغم القمع الذي وُوجهت به «مليونية 30 يونيو» يوم الخميس، والذي أدّى إلى سقوط تسعة قتلى وعشرات الجرحى من المطالبين برحيل حُكم العسكر والعودة إلى «المسار الديموقراطي»، تجدّدت أمس، تحت عنوان «جمعة الغضب»، تظاهرات السودانيين انطلاقاً من مستشفى الجودة في الخرطوم، والذي شهد ليل الخميس - الجمعة وقفة احتجاجية على المجزرة، تكرّرت أيضاً على أبواب المشافي كافّة التي يُعالَج فيها المصابون، خشية اقتحامها من قِبَل القوات الأمنية واقتياد الجرحى إلى جهات غير معلومة. وعلى الرغم من فشل احتجاجات الخميس في الوصول إلى القصر الجمهوري، يرى الكاتب الصحافي، عادل عبد الرحيم، أن «الشارع قال كلمته، وأنه لن يرجع إلّا بعد سقوط الانقلاب إيماناً منه بقضيّته التي خرج من أجلها»، مضيفاً في حديث إلى «الأخبار» أن «الرجوع إلى المنازل يعني الاستسلام والقبول بالحُكم العسكري الشمولي الذي أقعد البلاد منذ الاستقلال في خمسينيات القرن الماضي». ويعتقد عبد الرحيم أن «ما سيزيد من زخم الحراك في الشارع ويمنحه المزيد من القوة، هو تردّي الأوضاع الاقتصادية وانعدام الاستقرار، وذلك كفيل بدفع مجموعات جديدة للانضمام إلى الحراك الثوري المستمرّ».
حثّت «تنسيقيات لجان المقاومة» على «الاستمرار في التصعيد الثوري»

وكانت القوات الأمنية ارتكبت، في حلقة جديدة من النهج الذي ظلّت تتّبعه ضدّ الحراك الشعبي منذ ثمانية أشهر، مجزرة جديدة بحقّ متظاهري الخميس، ليرتفع عدد من قُتلوا منذ تشرين الأوّل الماضي إلى 113، بحسب آخر تقرير للجنة الأطباء المركزية صدر صباح الجمعة. وأفادت اللجنة بأن عدد الجرحى الذي سقطوا أوّل من أمس فقط فاق الـ500، ما بين إصابة متوسّطة وخطيرة، لافتة إلى أن عدداً من المستشفيات تتعرّض إلى محاولات اقتحام متكرّرة من قِبَل الأجهزة، محذّرة من تداعيات هذا الفعل على المرافق الصحّية، التي قد تضطرّ إلى تعطيل أعمالها. وجاء ذلك في وقت رحّلت فيه السلطات العشرات من المواطنين الذين تمّ اعتقالهم خلال الاحتجاجات، من أقسام الشرطة في الخرطوم، إلى سجن سوبا شرقي العاصمة، بأمر من والي الخرطوم المُكلَّف من قِبَل قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان.
وفي ردود الفعل، دانت سفارة واشنطن في الخرطوم أحداث الخميس، حاثّة جميع الأطراف على استئناف المفاوضات. وكانت مجموعة «الترويكا» استبقت الأحداث بالتحذير من استخدام العنف، فيما دعا رئيس بعثة «يونيامتيس» ورئيس «الآلية الثُلاثية» التي تدير عملية الحوار في السودان، فولكر بيرتس، السلطات إلى «احترام حقّ التعبير السلمي». وعلى إثر دعوته تلك، استُدعي فولكر من قِبَل وكيل وزارة الخارجية الذي سبق أن عمل مندوباً للسودان في الأمم المتحدة في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير، حيث أبلغه أن «تصريحاته غير مقبولة لما فيها من وصاية ومساس بالسيادة الوطنية». لكن فولكر عاد ودان، مساء الخميس، «الاستخدام المفرط للقوّة»، فيما طالبت «الآلية الثلاثية»، في بيان، بـ«وقف العنف، ووضع حدّ للاعتقالات والاحتجازات التعسّفية، واحترام حقّ التعبير والتجمّع السلمي»، معتبرة أن «اتّخاذ هذه الخطوات يضمن توفير بيئة مؤاتية لإنجاح العملية السياسية». وفي السياق نفسه، دعا «الحزب الشيوعي السوداني» «جماهير الشعب إلى الانتظام للدفاع عن الحقوق والحريات، ودعم جهود قيام جبهة وطنية لحماية المواطنين وحصر الانتهاكات وتقديم المسؤولين إلى المحاكمات»، فيما حثّت «تنسيقيات لجان المقاومة» على «الاستمرار في التصعيد الثوري، وتنويع أشكال المقاومة إلى حين إسقاط الانقلاب».