القاهرة | حظيت الزيارة الأولى لأمير قطر، تميم بن حمد، إلى القاهرة بحفاوةٍ رسمية غير مسبوقة للضيف الذي كان يوصف، قبل وقت قريب، بـ«راعي الإرهاب والإرهابيين» في مصر، وهو ما جعل التغطية الإعلامية للزيارة أقلّ حفاوة من الاستقبال الرسمي الذي أقامه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لضيفه على مدى يومين. وعقد السيسي جلسات مباحثات ثنائية مغلقة مع تميم، استمرّت نحو ساعتين، ولم يشارك فيها أيّ مسؤول آخر، في ما قيل إنها محاولة لـ«تصفية الكثير من الأمور العالقة» بين القاهرة والدوحة. وقدّم أمير قطر مساعدات مالية للنظام المصري كبادرة حسن نيّة، ولطيّ صفحة الخلافات، فيما كان لافتاً صدور برقيّة تهنئة مذيّلة باسمه لتهنئة السيسي بذكرى «ثورة 30 يونيو» التي أطاحت حكم الرئيس الراحل محمد مرسي.
قدّم أمير قطر مساعدات مالية للنظام المصري كبادرة حسن نيّة، ولطيّ صفحة الخلافات (أ ف ب)

على المستوى الإعلامي، صدرت تعليمات للتعامل بحرص شديد مع زيارة أمير قطر والوفد المرافق له، علماً أن وسائل الإعلام المصرية توقّفت، منذ توقيع «اتفاق العلا»، عن الهجوم على الدوحة. أمّا على مستوى الدعم الاقتصادي، فجرى الاتفاق على استثمارات قطرية بمليارات الدولارات سيتم الإعلان عنها تباعاً. وأبدى تميم بن حمد اهتماماً بالاستثمار في الفرص المتاحة في مصر خلال الفترة المقبلة، إلى جانب التأكيد على عودة التسهيلات لسفر المصريين للعمل في قطر بعد سنوات من التعقيدات. واتفق الطرفان على أن يعقد السفير القطري في القاهرة اجتماعات في الأيّام المقبلة لإعادة تنشيط مجلس العلاقات المشتركة بين البلدين، على أن يتمّ الترتيب لزيارة الرئيس المصري إلى الدوحة قريباً، بناءً على دعوة تلقّاها من الأمير.
ستتطرّق مناقشات السيسي في عُمان والإمارات إلى اتفاقية محتملة في شأن تعاون عربي عسكري مشترك


واللافت في زيارة أمير قطر ليس حفاوة الاستقبال والمناقشات بينه وبين مدير المخابرات العامة، اللواء عباس كامل، فحسب، ولكن أيضاً الاجتماعات المصاحِبة للوفدين الأمنيين، وهو ما جاء بخلاف التوقعات التي أشارت إلى أن الهدف الاقتصادي هو الغالب على الزيارة. ويبقى أكيداً أن الدوحة ضخّت وستضخّ مزيداً من الأموال لدعم النظام المصري، كما لم يحدث منذ حكم «الإخوان المسلمين»، فيما لا تزال آلية ضخّ الأموال القطرية تشكّل محور المناقشات، بخاصّة وأن جزءاً من هذا الضخّ لن يكون عبر القنوات الرسمية المتعارف عليها، وبعيداً من الاستثمارات، إذ تهدف إلى دعم النظام المصري من الداخل، وهي خطوة قامت بها السعودية والإمارات، خلال الأسابيع الماضية.
تلقّي مزيد من الدعم الخليجي للقاهرة، سيشكّل محور محادثات السيسي مع سلطان عمان، هيثم بن طارق، في مسقط التي يزورها اليوم، وسط توقعات أن يستكمل جولته بزيارة قصيرة إلى الإمارات يلتقي خلالها الرئيس محمد بن زايد. وستتطرّق مناقشات السيسي في مسقط وأبو ظبي إلى اتفاقية محتملة في شأن تعاون عربي عسكري مشترك حظي بموافقة خليجية بالفعل، لكن بلورة إطاره وطرق عمله لا تزال قيد المناقشات الموسّعة بين الدول العربية، بخاصّة مع عرقلة ملفّ القوة العربية المشتركة لأسباب عدة، من بينها عدم التوافق العربي حول ضوابط عمل هذه القوات، حيث تجرى مناقشات حول آلية بديلة، هي سبب زيارات ولقاءات سريّة شارك فيها وزير الدفاع المصري، محمد زكي، في الأيام الماضية، من دون أن تعلن تفاصيل بعض الاجتماعات التي شاركت فيها أطراف عربية، وأخرى جرت بحضور أطراف غربية.