خلال أقل من 24 ساعة، جددت إسرائيل للمرة الثانية التزامها أمنَ الأردن، مبدية استعدادها «لفعل كل شيء» للحفاظ على استقراره، فيما أكدت تقارير إعلامية عبرية أن مشروع بناء سياج أمني على الحدود مع الأردن وُضع على نار ساخنة وسيبت خلال الأسابيع القادمة.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أمس إن «استقرار الأردن هو مصلحة قومية وحيوية لدولة إسرائيل»، مشيراً إلى أنه «من دون الدخول بالتفاصيل، سنفعل كل شيء للحفاظ على استقرار مملكة الأردن».
وجاءت أقوال ليبرمان خلال لقائه نظيره الألماني، فرانك شتاينماير، في برلين حيث تباحثا في الأوضاع الإقليمية، وخصوصاً الوضع على الساحة العراقية والمخاطر المنبثقة منها.
وبرغم الموقف الواضح الذي أطلقه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بشأن مساندة إسرائيل لإعلان كردستان دولة مستقلة، امتنع كل من ليبرمان وشتاينماير عن إظهار الدعم الواضح لاحتمال إعلان الاستقلال في الإقليم العراقي الكردي. ورأى ليبرمان أن «مستقبل العراق كدولة يتعلق قبل أي شيء بالأشخاص الذين يعيشون فيها، ونحن لا يمكننا أن نقدم النصائح، نحن نتابع الأحداث هناك ونحاول أن نكون ثابتين ومستعدين. إلا أن الواقع اليوم هو أنه على ما يبدو من شبه المستحيل منع إقامة دولة كردية».
وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس أن نتنياهو يعتزم تسريع المباشرة في أعمال بناء سياج أمني على الحدود مع الأردن. ونقلت الصحيفة عن مصادر في مكتب نتنياهو قولها إن مخططات مشروع السياج قد استكملت في مجلس الأمن القومي، وإن نتنياهو ينوي إجراء مباحثات حول إقرارها في الأسابيع القادمة لتحديد موعد للشروع بالتنفيذ.
وكان نتنياهو قد أعلن في خطاب أول من أمس أن «التحدي الأول الذي يواجهنا هو حماية حدودنا»، مشيراً إلى أن «قوى الإسلام المتطرف تطرق أبوابنا، والشيء الأول الذي يجب القيام به هو بناء سياج في الشرق»، مشيراً إلى أن السياج الذي سيُبنى سيمتد من إيلات حتى الجولان. وبحسب يديعوت، سيبلغ طول السياج على خط الحدود مع الأردن 400 كلم، وهو سيكون أطول من السياج الذي بُني على الحدود مع مصر لمنع تسلل المهاجرين الأفارقة، والذي كان نتنياهو قد أقرّه ورأى فيه «مهمة قومية».
وقدرت مصادر أمنية أن تصل كلفة مشروع بناء السياج على الحدود مع الأردن إلى مليارات الشواكل، مشيرة إلى أنها ستتضمن تجهيزات تكنولوجية لجمع المعلومات والرصد والإنذار. ورجحت المصادر أن تستغرق عملية البناء عدة سنوات.
إلى ذلك، وصف معلّقون إسرائيليون الخطاب الذي ألقاه نتنياهو في معهد أبحاث الأمن القومي أمس الأول بـ«عقيدة نتنياهو»، مشيرين إلى أنه أرسى فيه استراتيجيته المحدّثة لمواجهة الاهتزاز الإقليمي وتمدد الجهاد العالمي في المنطقة. وكتب محلل الشؤون الأمنية في «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، أن خطاب نتنياهو كان استراتيجياً ونادراً جداً قدم فيه بصورة واضحة ومنظمة رؤيته السياسية الأمنية التي قصد إسماعها إلى الغربية، وخصوصاً واشنطن.
ورأى الكاتب أن الفرضية التأسيسية لهذه الرؤية هي أن انعدام الاستقرار في الشرق الأوسط سيتواصل لسنوات كثيرة، وأن الإسلام السياسي سيستمر في تهديد الأمن الإقليمي لمدة عقد على الأقل. ورأى بن يشاي أن نتنياهو وضع على أساس ذلك عقيدته الأمنية الخاصة التي من المفترض أن تتيح لإسرائيل عبور التسونامي الإسلامي الراديكالي والاهتزاز الإقليمي بسلام. وبحسب رأي الكاتب، فإن التحديات الأربعة التي عرضها نتنياهو في عقيدته، وهي حماية الحدود والسيطرة الأمنية على الضفة الغربية وإنشاء محور إقليمي لمواجهة التهديد الإسلامي المتطرف ومنع إيران من التحول إلى دولة حافة نووية، ليست جديدة بحد ذاتها، «إلا أن جمعها في استراتيجية أمنية قومية متبلورة يشكل تحديثاً في سلوك نتنياهو الذي يفضل عادة تقطير المعلومات للجمهور بدل أن يقدم نظرية واحدة واضحة».
وخلص الكاتب إلى أن حقيقة إقدام نتنياهو على تقديم هذه النظيرة تشير إلى درجة كبيرة من التوافق والثقة بالنفس داخل المؤسسة الأمنية والسياسية الإسرائيلية.