طرابلس | مع بدء العدّ التنازلي لختام الجولة الثالثة والأخيرة من مشاورات لجنة المسار الدستوري، المُكوَّنة من مجلسَي النواب والدولة، والمنعقدة في القاهرة، من أجل إقرار قاعدة تجري على أساسها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، تتواصل التحرّكات الهادفة إلى إنجاح هذا المسار، بلقاءات معلَنة وغير معلَنة تستضيفها القاهرة لقيادات ليبية رفيعة في ما بينها من جهة، وبينها وبين مسؤولين عسكريين وديبلوماسيين مصريين من جهة أخرى، وسط دعم من مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني وليامز، لهذه التحرّكات. وبينما التقى رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، رئيس البرلمان، عقيلة صالح، في العاصمة المصرية، لبحث ما توصّلت إليه المشاورات، جاءت زيارة رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، إلى مصر، لتمثّل تحوّلاً استراتيجياً في تعامل الدولة المصرية مع الأطراف الليبية، بعدما جرى إقصاء المشري من الاجتماعات السابقة باعتباره منتمياً إلى جماعة «الإخوان المسلمين». لكن المشري الذي زار القاهرة سرّاً مرات قليلة للغاية سابقاً، بدعوات من مسؤولين مصريين، أصبح اليوم مرحّباً به، بعدما أبدى، عقب اجتماعات المغرب الأخيرة، استعداداً للتفاوض حول العديد من الأمور العالقة التي تعيق اعتماد الدستور، لا سيما لناحية شروط الترشّح لرئاسة الدولة وقواعد الحُكم. وفيما لم يُعرَف ما إذ كانت اللقاءات الثُنائية والثلاثية التي عُقدت برعاية المخابرات المصرية سيُعلَن عن تفاصيلها أم لا، سُجّل غياب الظهور الرسمي للمنفي مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي اعتاد استقباله.وبالتوازي مع تلك الاجتماعات، التي غاب عنها المشير خليفة حفتر، انعقدت في القاهرة أيضاً لجنة «5+5» العسكرية، والتي حضرها رجال حفتر، فيما شارك مساعدوه في لقاءات مع ضبّاط المخابرات المصرية، علماً أن حفتر وصالح واصلا دعم حكومة فتحي باشاغا في مواجهة حكومة عبد الحميد الدبيبة، عبر إقرار البرلمان مشروع الموازنة المُقدَّمة من حكومة الأوّل في جلسة استثنائية عُقدت في سرت. وتبدو مهمّة حكومة باشاغا في تنفيذ أوجه إنفاق الميزانية المُقدَّرة بـ18.6 مليار دولار، صعبة للغاية، في ظلّ التعاون بين المصرف المركزي في طرابلس وحكومة الدبيبة بما قد يمنع تسليم وزرائه أيّ أموال. لكن باشاغا يراهن على تسلّمه السلطة والأموال بشكل ودّي، مع تزايد جرعات الدعم التي يحصل عليها من القبائل في طرابلس، والتي تُقابلها وعوده بالتوزيع العادل للميزانية، وإعادة تشغيل حقول النفط الذي يواجه تصديره اضطرابات متعدّدة حالياً.