غزة | على رغم أن قُرابة شهر لا يزال يَفصل عن زيارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى المنطقة، إلّا أن التحضيرات العملية لهذه الزيارة بدأت بالفعل، حيث يكثّف مبعوثون أميركيون لقاءاتهم مع الجانبَين الإسرائيلي والفلسطيني، بهدف ضمان إرساء حالة من الهدوء قبيل الجولة وخلالها. وبحسب المعلومات، فإن السلطة الفلسطينية تعهّدت باتّخاذ كلّ ما يلزم لمنْع انطلاق عمليات مقاومة من أراضيها، رابطة نجاحها في ذلك بحصولها على الدعم الأميركي المحجوب عنها، وهو ما يؤشّر إلى نيّتها استثمار جولة بايدن في الدفْع نحو إخراجها من أزمتها الاقتصادية والتي تنذر بإمكانية انهيار مؤسّساتها
على قدمٍ وساق، تتواصل التحضيرات لزيارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى الأراضي الفلسطينية ودولة الاحتلال، مع استمرار وصول موفدين أميركيين إلى رام الله وتل أبيب لترتيب الزيارة، وطلبهم إلى الطرفَين المحافظة على الهدوء خلال الفترة الحالية. وبينما تسعى السلطة إلى استثمار الحضور الأميركي في تحسين وضعها الاقتصادي، تستهدف إسرائيل الدفْع نحو تكريس قيام تحالف عربي - إسرائيلي لمواجهة إيران في المنطقة. ومنذ بداية الأسبوع الجاري، وصل وفد أميركي إلى رام الله برئاسة مساعِدة وزير الخارجية، باربرا ليف، ونائبها هادي عمرو، حيث التقى بأمين سرّ «اللجنة التنفيذية لمنظّمة التحرير الفلسطينية» حسين الشيخ، ومدير المخابرات العامّة اللواء ماجد فرج، ومجدي الخالدي مستشار الرئيس محمود عباس، الذي سيلتقيه بايدن في مدينة بيت لحم بعد إتمام زيارته إلى دولة الاحتلال في الـ14 من الشهر المقبل.
وبحسب ما علمته «الأخبار» من مصادر في السلطة، فقد طلب الوفد الأميركي من الجانبَين الفلسطيني والإسرائيلي عدم اتّخاذ خطوات استفزازية، والعمل على الحدّ من الاشتباكات، ووقف ما سمّاه «التحريض على العنف»، كي تمرّ زيارة بايدن من دون مشكلات. وأشارت المصادر إلى أن المسؤولين الفلسطينيين أبلغوا ضيوفهم الأميركيين أنهم سيعملون «بدرجة قصوى» على منع انطلاق عمليات فدائية ضدّ قوات الاحتلال في الضفة المحتلة، إلّا أنهم قالوا إن هذا الأمر يحتاج إلى دعم مالي واقتصادي للسلطة وقوّاتها الأمنية التي تمرّ بأزمة اقتصادية خانقة، في ضوء تراجع الدعم المخصَّص لها خلال السنوات الماضية، واحتجاز إسرائيل جزءاً من أموال المقاصّة التابعة لها. كذلك، تعهّد ممثّلو السلطة، بحسب المعلومات، بتنفيذ خطّة أمنية لمواجهة فصائل المقاومة في الضفة، بما يشمل اعتقال أيّ شخص يُشتبه في أنه قد يتسبّب بتوتّر الأوضاع خلال جولة بايدن، مشدّدين على ضرورة حصول رام الله على دعم أميركي وأوروبي وعربي حتى تقوم بالدور المطلوب منها. في المقابل، وعد الأميركيون بوضع مطالب السلطة على طاولة الرئيس الأميركي، الذي «يسعى لأن تكون زيارته إلى المنطقة مثمرة، وأن تُحقّق أهدافها على مختلف المستويات».
وفي السياق نفسه، ذكر المعلّق السياسي لموقع «واللا» العبري، باراك رافيد، أن مسؤولاً أميركياً كبيراً زار دولة الاحتلال، والتقى مع وزير الخارجية يائير لابيد، ووزير الجيش بيني غانتس، ومستشار الأمن القومي إيال حالوتا، طالباً إليهم الامتناع عن أيّ إجراءات في الضفة وشرقيّ القدس قد تزيد التوتر مع الفلسطينيين، مِن مِثل هدم المنازل وتهجير السكّان والبناء في المستوطنات. كما طلب تعليق اقتحام «مناطق أ» في الضفة، حتى نهاية زيارة بايدن. واعتبر رابيد أن المطالب الأميركية «هامّةٌ جدّاً»، بالنظر إلى أن عباس «يشعر بالإحباط» من انتهاكات جيش الاحتلال في الضفة، و«غاضبٌ» من السياسة الأميركية تجاه الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وهو يُهدّد بإجراءات «انتقامية» مِن مِثل وقف «التنسيق الأمني»، والتحرّك في مؤسّسات الأمم المتحدة، أو حتّى سحب الاعتراف بإسرائيل. وعليه فإنّ الإدارة الأميركية تحاول، بحسب رافيد، طمأنة «أبو مازن» والفلسطينيين بشكل عام، والتأكّد من أن زيارة بايدن لن تتمّ أثناء أزمة وتصعيد.
بدأت سلطات الاحتلال عدّة خطوات لتهدئة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية


وعلى المستوى العملي، بدأت سلطات الاحتلال عدّة خطوات لتهدئة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك زيادة عدد تصاريح العمل للفلسطينيين في الضفة وقطاع غزة. إذ كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الجيش والمخابرات أعدّا خطّة لزيادة عدد التصاريح المخصَّصة للضفة بـ20 ألفاً، ليرتفع عددها إلى 120 ألفاً. ووفقاً لمصدر عسكري إسرائيلي، فإن هذه الزيادة «ستُقلّل فرصة وقوع هجمات إرهابية، كما ستحدّ من ظاهرة العمّال من دون تصريح»، خصوصاً في ظلّ الانتقادات التي وُجّهت إلى اضطرار عمّال فلسطينيين لاختراق الجدار الفاصل، وهو الأمر الذي استغلّه مُنفّذو العمليات الفدائية خلال الشهرَين الماضيَين لتنفيذ هجماتهم داخل المدن المحتلّة عام 1948. ويتزامن الإعلان عن التصاريح الجديدة مع إيعاز رئيس هيئة الأركان في جيش الاحتلال، أفيف كوخافي، بتشديد الإجراءات الأمنية في مناطق التماس، عبر نشر مئات الجنود، وإغلاق الثغرات بأدوات هندسية.
وتتكوّن خطّة «التهدئة» الإسرائيلية من ثلاثة بنود رئيسة: أوّلها، توسيع حصص العمل للفلسطينيين في دولة الاحتلال والاستفادة منها بزيادة إمكانات العاملين؛ وثانيها «تعزيز الردع» ضدّ مَن يدخلون وينقلون العمّال من دون تصريح بما يشمل السائق الإسرائيلي الذي ينقلهم والمقاول الإسرائيلي الذي يشغّلهم؛ وثالثها تحديث المعابر التي يَدخل منها العمال. ويقتضي البند الأوّل تغيير معيار سنّ العمل للفلسطينيين، من السماح فقط للشبّان المتزوّجين الذين تَبلغ أعمارهم 22 عاماً أو أكثر بالتقدُّم بطلب للحصول على تصريح، إلى السماح لأيّ شاب اجتاز 22 عاماً (حتى لو لم يكن متزوّجاً) بالإقدام على هذه الخطوة، شريطة أن يكون أحد أفراد أسرته المباشرين عاملاً في قطاع البناء في الداخل المحتلّ. ويوم أمس، أعلن غانتس أنه بعد تقييم أمني للأوضاع في قطاع غزة، تَقرّر، بالتشاور مع منسّق عمليات الحكومة، زيادة عدد التصاريح لعمّال غزة بألفين لتصبح 14 ألفاً، ضمن الخطوات التي تعتقد المنظومة الأمنية أنها ستؤدّي إلى تحسّن الحالة الاقتصادية في القطاع، ومنع وقوع توتر.



القدس: تعدٍّ جديد على الممتلكات المسيحية
ندّدت وزارة الخارجية الروسية بقرارٍ لمحكمة الاحتلال العليا، رأت فيه «تهديداً للوجود المسيحي» في مدينة القدس المحتلّة، بعد السماح لمنظّمة «عطيريت كوهانيم» الاستيطانية المتطرّفة بشراء مبانٍ تابعة لبطريركية الروم الأرثوذكس في البلدة القديمة. وقالت الناطقة باسم الوزارة، ماريا زاخاروفا، في بيان، إن «مثل هذا القرار يسيء إلى السلام بين الأديان، ويثير قلقاً مشروعاً إزاء وضع الطائفة المسيحية في الأراضي المقدسة». وأكدت أن «موسكو مصمِّمة على الدفاع عن الوجود المسيحي في الشرق الأوسط، وتحرص على أن يتمّ احترام حقوق وحريات المؤمنين». وكانت المحكمة رفضت، قبل أيام، التماساً تَقدّمت به بطريركية الروم الأرثوذكس، وطالبت فيه بإبطال استيلاء المنظّمة المذكورة على ثلاثة من ممتلكاتها وسط القدس، وبينها فندقا «إمبريال» و«بترا»، بعد أن حصلت «عطيريت كوهانيم»، عام 2004، على حقوق إيجار محميّ طويل الأمد لتلك الممتلكات، على رغم أن البطريركية قالت يومها إن عمليات الاستحواذ غير قانونية، وتمّت من دون موافقتها. وادّعت المحكمة، في قرارها، أن البطريركية لم تتمكّن من «إثبات الادّعاء بالاحتيال، ولم يتمّ تقديم أيّ دليل لإثبات ذلك حتى ظاهرياً»، فيما ردّت الأخيرة بالقول إن القرار «غير عادل ولا يستند إلى أيّ أساس قانوني أو منطقي، لأن منظّمة متطرفة وأنصارها اتّبعوا أساليب غير شريفة وغير قانونية للحصول على ممتلكات مسيحية».