بغداد | على رغم توجيهه، قبل أيّام، أعضاء كتلته النيابية بكتابة استقالاتهم تمهيداً لتقديمها، إلّا أن صدى قرار مقتدى الصدر تقديم هذه الاستقالات بالفعل، جاء مدوّياً، وأحدث إرباكاً في العملية السياسية ليس معلوماً بعد كيف سيؤثّر عليها، ولا سيما أن الرّجل المعروف بالمفاجآت، يشتهر كذلك بالتقلّبات، وآخر مثال على ذلك، كان قراره مقاطعة الانتخابات الأخيرة، ثم عودته عن تلك المقاطعة.الاستقالة ستُحدث بلا أدنى شكّ فراغاً كبيراً في العملية السياسية، كون الكتلة هي الأكبر لحزب واحد في المجلس المؤلّف من 329 نائباً، ما أثار مخاوف من فوضى عارمة، لكن الدعوات من الفريقَين الشيعيَّين، أي التيار و»الإطار التنسيقي»، إلى تدخّل المرجعية في النزاع، قد يفتح كوة في جدار الأزمة، علماً بأن تجربة الأشهر الثمانية الماضية، منذ الانتخابات النيابية، أظهرت تمسّك الصدر بمواقفه، إلى درجة أثارت تململ شريكَيه في التحالف الثلاثي، «تحالف السيادة» الذي يمثّل الجزء الأكبر من المكوّن السني، و»الحزب الديموقراطي الكردستاني» الذي يحتلّ الحصة الكردية الأكبر في البرلمان. ومع أن الصدر أعلن، في بيان طلب الاستقالة نفسه، أن شريكَيه في حلّ منه، وهو ما يفتح الباب نظريّاً لكسر الجمود الذي أصاب العملية السياسية، من خلال لجوء الشريكَين الآخرين إلى التفاوض مع الإطار التنسيقي، إلّا أن هذا الاحتمال بدا ضعيفاً، ذلك أن الصدر قد يكون قصد من قراره أيضاً، قلْب الطاولة في وجه الشريكَين اللذين أظهرا رغبة في التوصّل إلى حلٍّ مع «الإطار».
ويقول المحلّل السياسي العراقي، مجاشع التميمي، المقرب من «التيار الصدري»، لـ»الأخبار»، إن «العراق دخل في أزمة معقّدة مركّبة يكمن حلّها في تدخّل جهات كبرى، مثل المرجعية. وقد تؤدي هذه الأزمة إلى حصول تظاهرات وفوضى حقيقية، وهذا ما حذّر منه السيد مقتدى الصدر»، مضيفاً إن «المبادرة التي كان يفترض أن تؤدّي إلى حلّ، والتي تقدّم بها السيد مسعود بارزاني، رُفضت في ما يبدو من قِبَل الأطراف، وبالتحديد من قِبَل التيار الصدري، لأنها لا تدعو إلى تشكيل حكومة غالبية وطنية وإنّما حكومة توافقية». وتابع أنه «إذا لم تكن هناك مبادرة في الساعات المقبلة تعالج النظام السياسي، فإن الوضع في العراق خطير جداً، وهناك كثيرون ممَّن يتحدّثون عن تظاهرات، لكن التظاهرات هذه المرّة ستكون فوضوية، لأن التيار سيخرج بطريقة منظّمة، لكن هناك الملايين من العراقيين الجياع الذين سيخرجون بطريقة فوضوية».
في المقابل، يؤكد القيادي في «تحالف الفتح»، جبار المعموري، لـ»الأخبار»، أن «ما سمعنا وشاهدنا من تقديم الاستقالات لرئيس مجلس النواب من قِبَل السيد مقتدى الصدر، معناه انقلاب واضح على العملية السياسية. ثم سوف يعود الصدر إلى الجمهور ويحرّك الشارع استجابةً للمشروع البريطاني الذي كان معوّلاً عليه سابقاً أن يكون البديل الثاني أو الثالث بعدما لم يستطع الثلاثي تشكيل الحكومة». ويضيف: «لذلك ارتأى أن ينفّذ انقلاباً على العملية السياسية، وهذا ما لم نكن نأمله، ولكن على مجلس النواب في حالة تقديم الاستقالة إليه، أن يأتي بالبديل بسرعة، وهم الـ 74 نفراً هؤلاء من غير الكتلة الصدرية الذين لديهم أصوات، عبر المفوضية العليا للانتخابات»، مبدياً خشيته من أن «يؤدّي الانقلاب إلى فوضى عارمة، وهو ما تريده بريطانيا وأميركا، وندعو المرجعية الرشيدة العليا المتمثّلة بسماحة السيد السيستاني إلى أن تقف أمام هذا المشروع الهدّام. وندعو أبناء شعبنا إلى أن لا يكونوا وقوداً للفتنة، وندعو المقاومة البطلة الشجاعة إلى أن تأخذ موقعها البديل. ونأمل أن يجلس السيد مقتدى ويستقيل فعلاً ويذهب إلى حوزته وأن لا يحرّك الشارع ويطيح العملية السياسية».