في مستهلّ الحديث عن الجولان، لا مناص من استحضار واحدٍ من التأثيرات السلبية التي دخلت الثقافة السياسية، وكرّستها تيارات انعزاليّة وقُطريّة: «فلسطنة» الصراع مع العدو. الكلام ليس عن «فلسطين»، الهوية الكفاحية التي استقطبت الثائرين من اليابان إلى نيكاراغوا للالتحاق بمعسكرات الفدائيين، بل «فلسطين» السردية المقطوعة، التي حصرت «الصهيوني» في الوعي العربي باعتباره عدوّاً للفلسطينيين فحسب. من هنا نفهم كيف كانت «عناقيد الغضب» الإسرائيلية تسفك دماء اللبنانيين في قانا، فيما جوقة السلطة تحتفل بافتتاح مقرّات لها في نابلس ورام الله وأريحا إثر أوسلو. بالمثل، ولسنوات تلت توقيع ثنائي التطبيع، أوسلو ووادي عربة، أصبح خطاب المقاومة، اللبناني بخصوص الجنوب والسوري بخصوص الجولان، مجالاً مفتوحاً للتندّر والتصريح بعبثية المقاومة وضرورة الاتفاق بالشروط الإسرائيلية، مع الإشارة الدائمة إلى محاولات دمشق للتفاوض مع تل أبيب. فإن كان رأس المنظمة «الممثّل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني» تصالح فالقضية إذاً «انتهت». تناسى هؤلاء أنّ الثابت الآخر حينها كان أنّ حزب الله يقاتل الاحتلال في الجنوب ويدحره، وأن مفاوضات السوريين لم تصل إلى مكان.إذاً، لم تكن هذه «السوريا» غير المطبّعة في معسكر التصالح ذاته، والنتيجة أنها أصبحت مسرحاً لحرب باسم «الديموقراطية» وغيرها من شعارات، تمّ نسيانها اليوم بعد تدمير البلد، فيما تراجع تصنيف تل أبيب في الماكينة الإعلامية العربية حتى بات الجيش العربي السوري هو المجرم والعدوّ. بل صرت تجد من يشمت بالغارات الإسرائيلية على دمشق واللاذقية، ويتحدّى أن تردّ سوريا على القصف - لا بغية انتقام وانتصار بل، على العكس، رغبة في تفاقم خسائرها وانكسار المزيد من شوكتها. قد تكون أسرلة أرض الجولان من أثمان هذا كلّه، الأرض التي ظلّت منذ احتلالها غير جاذبة للاستيطان المنشود، خلافاً للضفة، حتى قامت الحرب على سوريا، وهنا كان لإسرائيل كلام آخر وفعلٌ ماديٌّ على الأرض.

الجولان في غمرة الحرب السورية
في تصريح لبشار الجعفري في عام 2020، وكان حينها مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، قال إن «النظام التركي يحتل أراضيَ في سوريا تعادل 4 مرات مساحة الجولان المحتل». إشارة الجعفري تعني أمرين: الأوّل، التأكيد على فكرة الاحتلال. والثاني، مرجعية أرض الجولان في قياس الخسارات، واستذكارها حتى في الوقت الذي فقدت فيه الدولة السيادة على مساحات واسعة من أرضها، أضعاف ما استولت عليه تل أبيب منذ عام1967. إلا أن الحرب التي استنزفت الدولة السورية، واستهدفت سلاح المقاومة ومشروعها، قد أفسحت المجال لإسرائيل لكي تتجاوز احتلال الأرض السورية (بحسب تعريف الأمم المتحدة)، ولأن تتجاهل بالكامل خطاب الشرعة الدولية والبروتوكولات الديبلوماسية والنصوص القانونية. هنا، أطلقت إسرائيل العنان لبروباغاندا من نمط خاص خلال العقد الماضي، موجّهة إلى الغرب ومراكز المال والأعمال، قدّمت بها نفسها كنموذج دولة عصرية ديموقراطية تزدهر وسط إقليم محموم. هذه «الدولة» تسعى في استثمار «أرضها» والتنقيب عن الطاقة كشأن الدول الطموحة والمتقدّمة، بل إنها فكّرت في مشاريع الطاقة البديلة التي تراعي البيئة وتحارب الاحتباس الحراري - مركز الاهتمام الجديد في العالم.
إذاً، التفتت إسرائيل بجدّية أكبر إلى الجولان، ومخطئ من يعتقد أن حكومة بنيامين نتنياهو وحدها هي من سعت في إحراز نقطة في هذا الشأن؛ ففي تصريحات مهمّة لرئيس الوزراء الحالي نفتالي بينيت، في تشرين الأوّل الماضي، ضمن فعاليات «مؤتمر التنمية الاقتصادية والإقليمية لمرتفعات الجولان» (برعاية جريدة «مكور ريشون» المؤيّدة لتطلعات اليمين الإسرائيلي، والتي تنشر في صفحاتها بشكل أسبوعي ملحقاً لجريدة «هتسوفيه» التابعة لحزب المتدينين الوطنيين «مفدال» - بدأ الحزب بإصدارها عام1947)، أشار بينيت إلى تنافس شديد داخل الحكومة الإسرائيلية بخصوص إعمار مرتفعات الجولان، وذكر بالاسم أبطال هذا التنافس: وزير المالية أفيغدور ليبرمان، ووزيرة الداخلية أيليت شاكيد، ووزير الإعمار والإسكان زئيف إلكين، ووزير الخارجية يائير لابيد، ووزير الدفاع بيني غانتس، ووزير العدل جدعون ساعر، ورئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست تسفي هاوزر. نحن نتحدّث عن شخصيات طموحة تسعى لرئاسة الكابينيت إن سنحت لها الفرصة، ولكل منها خطة وتمويل ومرجعية سياسية تمثّل جمهوراً إسرائيلياً يراقب ويدعم ويطمح لممثّلين أقوياء قادرين على تحقيق مصالح واسعة في مجتمع اتجه للتديّن ولفظ خطاب السلام التقليدي، حيث يقدّم الطرف الإسرائيلي تنازلات شكلية، على حساب سلام جديد أكثر مجانية، ومربح مع دول ثرية كدول الخليج.

عقدة الديموغرافيا
بعد 40 عاماً من الاحتلال، لم تسيطر إسرائيل بالمعنى الديموغرافي على أرض الجولان ذي الغالبية العربية (80% من أهل الجولان عرب والباقون أرمن وداغستان وشيشان وتركمان)، وهذه لعنتها في كلّ الأراضي التي احتلتها عام 1967 وكثّفت فيها نشاطها الاستيطاني لتتجاوز التفوّق البشري العربي فيها. ولهذا لم تتمكّن، رغم إنشاء 45 مستوطنة في الجولان، من إقناع أعدادٍ من الإسرائيليين بالانتقال للسكن فيها. وهو استيطان يمثّل لإسرائيل مكسباً عسكرياً واستراتيجياً، و«مغارة علي بابا» لنهب الموارد، تملأها الطاقة والشمس والمياه. تمنّعُ الإسرائيليين الضمني عن الانتقال إلى الجولان مفهومٌ، كونه منطقة عسكرية خطرة وغير مريحة لتكوين أسرة مستقرة، خاصة للمهاجرين الجدد، فيما نسبة احتمال اندلاع حرب مع عدو غير مأمون عالية. ومن ناحية أخرى، هناك قناعة داخلية أنها أرض سورية ولا بد أن يستعيدها أهلها ذات يوم وسيتم حينها التخلّي عن الأملاك الإسرائيلية فيها.
في الشعار الإسرائيلي «الشعب مع مرتفعات الجولان» نصف الحقيقة، أمّا النصف الآخر فهو يجمع كل من يدعم المشروع


بالعودة إلى قانون مرتفعات الجولان، الذي حظي بموافقة 63 عضواً في الكنيست مقابل 21 معترضاً عام 1981، صرّح رئيس الوزراء في حينها، مناحيم بيغن، أن السبب في فرض القانون الإسرائيلي بعد 14 سنة من احتلال الجولان يتركّز فيما سمّاه «عداء سوريا العنيد لإسرائيل»، ونشر الصواريخ السورية قبل ذلك بفترة على الأراضي اللبنانية، الأمر الذي اعتبرته تل أبيب مستفزاً! وذكّر بيغن أعضاء حكومته برفض الرئيس السوري حافظ الأسد أي علاقات مع إسرائيل، حتى لو اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بها (وكان هذا قبل 12 عاماً من أوسلو).

زمن «الصيدة»
إن جاز لقطر والسعودية والإمارات اعتبار أن حربهم على سوريا، والدم الذي سال فيها، كان بمثابة «صيدة» (على حدّ تعبير وزير قطري سابق)، فإنّ إسرائيل لم تكن عضواً في هذا الرّكب فحسب، بل كانت هي من كسب الجائزة الكبرى، ومن عرف أن يقتنص الفرصة. وما فعلته إسرائيل، على مدار سنوات تلت أوسلو في الضفة الغربية والقدس، كتثبيت الاستيطان عبر مصادرة الأراضي وبناء بؤر استيطانية (بالتزامن مع حضور جولات المفاوضات التي استمات عليها المفاوضون الفلسطينيون)، قد كرّرته خلال مدة زمنية أقصر بكثير في الجولان المحتلّ، ومن دون الحاجة إلى الجلوس مع السوريين. تعلم إسرائيل جيّداً أن أي إدانة لن تزحزح حجراً في بؤرة استيطانية، ولن تفكفك برغياً واحداً في مراوح التوربينات الخاصة بمشاريع توليد الكهرباء، وسيعتاد الجميع على الوضع الجديد: المجتمع الإسرائيلي، والعرب، والسوريون أنفسهم. أبعد من ذلك، يمكن القول إن التماهي مع الأمر الواقع سيظهر بشكل أكبر في منظمات المجتمع المدني التي سيزداد عددها وتزدهر «تجارتها» وهي تقتات على استمرار المعضلة وكتابة «البروبوزلات» لإصدار تقاريرها الحقوقية المشروطة من المموّل، فيما خيارها بالانحياز ضد إسرائيل مائع وموارب ولا يعدو كونه حبراً على ورق وموادّ أرشفة غير فعّالة.
صلب الحديث عن الجولان الآن يتركز في تحركات إسرائيل السريعة منذ بداية الأحداث في سوريا، إذ كثّفت نشاطاتها في الجولان، وحتى في الضفة، بينما غاب الجمهور العربي، صاحب القضية، عن الحدث، وتسلّح بالمراهنة على خطاب «الذاكرة الصنمية» الذي اعتدنا سماعه في الأمم المتحدة وغيرها من المنابر. وقد أصبح هذا الخطاب العقيم، للمفارقة، مطلباً شعبياً لدى شريحة عربية واسعة تأثّرت بالتهييج الإعلامي ضد محور المقاومة، عبر الشاشات الخليجية وغيرها. وهي كانت تنتج، بشكلٍ موازٍ، شخصياتٍ ونخباً بديلة تتكلّم عن فلسطين والاحتلال بطريقتها، وتستخدم خطاباً «حقوقياً» سلمياً مترجَماً من الإنكليزية ويبدو سلساً فيها، خاصة وهو يطلب المساعدة ولكنّه يخلو من أي مفهومٍ فعليّ عن «المقاومة».

جوقة الأعداء
في الشعار الإسرائيلي «الشعب مع مرتفعات الجولان» نصف الحقيقة، أمّا النصف الآخر فهو يجمع كل من يدعم المشروع الصهيوني في المنطقة ويحارب مشروع المقاومة، ليس فقط عسكرياً وإنما اقتصادياً واجتماعياً أيضاً، من واشنطن إلى المنامة وأبو ظبي وحتى سيؤول. ثمّة رؤوس أموال هي الأكبر في العالم لن تتردّد في تمويل هذا الشعار ودعمه بشكل مباشر أو عبر واجهات تمويهية. لقد أقنعت إسرائيل صندوق الثروة السيادي النيوزيلندي، وصندوق NZ Super Fund، وحيتان إدارة الأصول في الولايات المتحدة BlackRock ومجموعة Vanguard وCharles Schwab لإدارة الاستثمار وغيرها بالقدوم إلى الجولان وتمويل مشاريع استيطانية فيه. هذا ما كان ليحدث بلا غطاء سياسي مكرّس لإسرائيل من قبل الولايات المتحدة والخليج. فإذا كانت نخبة الاستثمارات العالمية، عبر الوكلاء والوسطاء والسماسرة، تصنع من العالم قرية صغيرة وترى الجولان بعين الدولار واليورو مثلما ترى هونغ كونغ؛ معناها أن رؤوس الأموال العربية (التي دغدغت مشاعر كثيرين في شيطنة النظام السوري)، هي إمّا مساهمة في هذه الصناديق عبر أسهم وشراكات وتمويل، أو قرّرت التواصل مع المنفذين على الأرض المحتلة في فلسطين وسوريا. يكفي أن تعلم أن بنك «هبوعليم»، أكبر وأضخم البنوك الإسرائيلية التي تقود المؤسسات المالية صاحبة مشاريع الاستيطان والتنقيب عن النفط وإنتاج الطاقة من الرياح في الجولان، هو الآن شريك سوقي أبو ظبي العالمي ودبي للتعاون في مجال التكنولوجيا المالية، وكذلك في البناء والصناعة والنقل الذكي، والطاقة الخضراء.
أبعد من ذلك، من يعتقد أن كل ما ذُكر مجرّد طروحات ومخاوف لن تساندها الشرعية الدولية فليتأمّل هامشاً صغيراً في تقرير للمفوضية السامية لحقوق الإنسان (OHCHR) رقم A/HRC/43/71، والصادر في 20 شباط 2020، وهي الهيئة التي تقدّم تصنيفاً للشركات المتورّطة في أنشطة في المستوطنات «اللاشرعية». ففي التقرير المذكور تم استثناء مستوطنات الجولان من الحظر الأممي، إذ لم تعد الشركات المستثمرة هناك مخالفةً لتصنيفات الأمم المتحدة بسبب مخالفتها للقانون الدولي. وحتى إن خضعت هذه الصناديق لتصنيفات المفوضية كـ«صندوق الثروة النرويجي» المصنّف أنه «يثير مخاوف كثيرة» بسبب عملياته في الأراضي الفلسطينية، إلا أن قيمة استثماراته في فلسطين المحتلة وصلت إلى نحو 1.3 مليار دولار عبر 81 شركة إسرائيلية في نهاية عام 2020، بحسب تقرير لوكالة «رويترز»، أي أكثر من ضعف ما كانت عليه قبل عقد من الزمن (أي قبل الحرب في سوريا).
وأثناء البحث عن مواد فيديو عن الجولان وجدنا مغنياً إسرائيلياً من أصول يمنية، اسمه «صهيون جولان»، من الواضح أنه مغنٍّ شعبي لا يزال يؤدّي أغانيَ تراثية بالعربية واللهجة اليمنية. الموضوع أكبر من أن تستضيف الإمارات العربية، التي وقّعت اتفاق «إبراهيم» مع تل أبيب، المغنّي جولان هذا ليعيد غناء «أنا يمني» خلال فعاليات «القرية العالمية» في دبي، وتحديداً في الجناح اليمني، إذ إن أبو ظبي تفرض رؤيتها الخاصة للعروبة عبر شيكات وأرصدة بنوك خُصصت للهدف الذي لا يرى حق العروبة لسوريي الجولان المحتل. على العكس، يساهم محمد بن زايد في أسرلة أرضهم وسرقتها وتزوير تاريخهم، ولن يمانع أن يستضيفهم بدون تأشيرة على أرض الإمارات ليستمتعوا بزيارة «إكسبو دبي» بشرط أن يكونوا سائحين إسرائيليين يتحدّثون العربية ويلبسون زيهم التقليدي ويغنون أهازيجهم التقليدية بلهجتهم الجولانية المميزة!

حقبة إسرائيل
في زيارتهما للجولان في تشرين الأوّل الماضي، تقاسم رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت (50 عاماً) ووزير العدل جدعون ساعر (56 عاماً) الانزعاج لما لاحظاه من عدم تغيّر الوضع، بالإشارة إلى أسوار حظائر الماشية التي بقيت على حالها منذ طفولتهما. هذه ليست جملة عاطفية عابرة، بل استملاك حقيقي للأرض العربية المسروقة. وعلى عكس السنوات السابقة، يتحدّث بينيت بأريحية عن الجولان في لقائه مع رؤساء مجالس الاستيطان والمجتمع المحلي ورجال الأعمال (ومنهم عرب - في تطوّر لافت)، قال لهم إن هضبة الجولان هدف استراتيجي، ومضاعفة التجمّعات فيها هو هدف حكومة إسرائيل. يتكئ بينيت على أمرين؛ الأوّل خطة واضحة هي قيد التنفيذ، والثاني اطمئنان من الوضع العربي، ولا سيما أنه زار أبو ظبي أخيراً (التي تسعى جاهدة لتعميق علاقاتها مع دمشق بعد فشل مشروع تفكيك الدولة السورية وإضعاف محور المقاومة كما كان مخطّطاً له). بينيت، في تصريحاته، ذهب إلى ما هو أبعد، وخاطب المستثمرين والمستوطنين وعرب الجولان بخطاب سياسي واحد، مفاده أن موقف تل أبيب من مرتفعات الجولان ليس مرتبطاً بالوضع في سوريا. وأشار إلى أن «الأهوال التي حدثت هناك (يقصد على الأرض السورية) منذ عقد من الزمان، أقنعت الكثيرين في العالم أنه ربما يكون من الأفضل أن تكون هذه القطعة الجميلة والاستراتيجية من الأرض (الجولان) في أيدي دولة إسرائيل، ويفضّل أن تكون خضراء، ومزدهرة أكثر من ساحة أخرى للقتل والتفجيرات». يعلم بينيت أن التسويات على قدم وساق، وما محاولات إعادة دمشق إلى «الحاضنة العربية المدجّنة» إلا اعتراف بهزيمة الحرب عليها، لذلك يستدرك في تصريحاته ويقول: «لكن حتى في الوضع -الذي يمكن أن يحدث- حيث يغيّر العالم اتجاهه في ما يتعلّق بسوريا، أو في ما يتعلّق بنظام الأسد، فإن هذا لا علاقة له بهضبة الجولان. مرتفعات الجولان هي إسرائيل». هكذا يُحسم الأمر داخلياً وخارجياً.

هناك من يتذكّر!
قد يبدو المشهد قاتماً في هضبة الجولان، وسياسة الأمر الواقع هي ما تتحكّم بما على الأرض، وما في باطنها، وحتى بفضائها. وإن كانت حقبة دونالد ترامب أعادت موضوع الجولان إلى الواجهة لمصلحة تل أبيب، فإن إدارة بايدن من خلفه لم تعر الموضوع اهتماماً، وكان ذلك يكفي حتى ينجز الإسرائيلي حزمة كاملة من المشاريع، بينما الوعي العربي في مكانٍ آخر.
مع ذلك، هناك دائماً من يتذكّر، قد يأتي الأمر كقرصة لخد تل أبيب من الصديق الروسي، حين بادر المندوب الروسي بالتذكير أن موسكو لا تعترف بسلطة إسرائيل على مرتفعات الجولان، وسمّى العاصمة الإسرائيلية تل أبيب بدلاً من القدس، في اعتراض واضح على مفهوم «الأمر الواقع» الإسرائيلي. هذا أمر سياسي بحت ويحتكم إلى ظروف آنية ومناكفات من على منابر دولية. لكن ما يهمّنا نحن، كأصحاب أرض وقضية، هو أن هناك أيضاً من يتذكّر الجولان في خططه الاستراتيجية، وقد أعدّ العدة بطريقته. حتى إن بدت حسابات الإسرائيلي مُحكمة في الجولان والخطة تسير كما يشاء الكابينيت.