صنعاء | التقت المصلحة الأميركية - الأوروبية مع مصلحة التحالف السعودي - الإماراتي، في تمديد الهدنة في اليمن لشهرَين قادمَين، من دون ضمانات معلَنة. فبعد أن رفض «المجلس الرئاسي» الموالي لـ«التحالف» شروط صنعاء لقبول التمديد، والمتمثّلة في استكمال تنفيذ بنود الهدنة السابقة، وإضافة بنود جديدة، أعلن المجلس قبوله بإبقاء وقف إطلاق النار قائماً، في ما يُقرأ في صنعاء على أنه تمهيد لاستكمال الترتيبات العسكرية التي بوشرت منذ أيام في جبهات الضالع والبيضاء وشبوة والساحل الغربي. وبحسب مصادر عسكرية وأخرى قبلية تحدّثت إلى «الأخبار»، فقد عمد «التحالف» إلى توزيع مهام جديدة على الميليشيات التابعة له في المحافظات الجنوبية، توازياً مع إطلاق عملية إعادة الهيكلة العسكرية والأمنية، كجزء من مهام «الرئاسي».وأوضحت المصادر أن قيادة «التحالف» بدأت تحشيد أكثر من 20 ألف عنصر جديد تحت مسمّى «ألوية المغاوير» و«ألوية اليمن السعيد» في محافظتَي لحج وأبين، وذلك بالتزامن مع تسليم الميليشيات التابعة لطارق صالح، الموالي للإمارات، جبهات الضالع المحادِدة لمحافظة إب، بهدف بدء تصعيد في اتجاه الأخيرة. وبيّنت أن قوات «حراس الجمهورية»، التي يقودها صالح، تسلّمت قطاعات لكمة عثمان في محور الفاخر القتالي في الضالع، وقطاع ناصة في محور مريس الواقع في المحافظة نفسها. وأضافت أن ترتيبات عسكرية تشهدها جبهات الضالع منذ أيام، تمثّلت في حفر خنادق قتالية واستحداث أرتاب ومواقع، وهو ما ينسحب أيضاً على جبهات الساحل الغربي والمديريات الفاصلة بين شبوة والبيضاء. وكانت قوات صنعاء رصدت إنشاء تحصينات وخنادق قتالية في عدد من الجبهات خلال فترة الهدنة الأولى، وأكثر من 38 محاولة هجوم، وما يزيد على 7000 حالة تمشيط ناري بمختلف الأسلحة.
مع ذلك، قاد المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، مسنوداً بضغوط أميركية وأوروبية، خلال الـ72 ساعة الماضية، حراكاً ديبلوماسياً مكثّفاً بهدف انتزاع توافق على تمديد الهدنة، بعد فشل مفاوضات الأردن في إحداث اختراق جديد ينعش الهدنة السابقة. ووفقاً لأكثر من مصدر، فإن غروندبرغ تعهّد لطرفَي صنعاء وعدن بالعمل على تنفيذ بنود الاتفاق بشكل أفضل، بما يحول دون تكرار الأخطاء السابقة، مؤكداً أن مساعيه مسنودة برغبة دولية في «إحلال السلام». وبحث المبعوث الأممي في مسقط، صباح الثلاثاء، مسار وقف إطلاق النار مع رئيس وفد صنعاء المفاوض، محمد عبد السلام، الذي طالب بإضافة بنود جديدة إلى الاتفاق، أهمّها صرف مرتّبات الموظفين في عموم الجمهورية، بمشاركة محافظ البنك المركزي في صنعاء. وكان نائب رئيس حكومة الإنقاذ، الفريق جلال الرويشان، دعا «المجتمع الدولي» إلى «تفهّم موقف صنعاء من هدنة لم تنعكس بشكل إيجابي على حياة اليمنيين»، معتبراً الحديث عن التمديد في ظلّ استمرار الحصار على 25 مليون نسمة «أمراً غير منطقي».
في هذا الوقت، قدّمت صنعاء مبادرة جديدة لتخفيف معاناة 750 ألف موظف يعيشون من دون رواتب، منذ نقل وظائف البنك المركزي إلى عدن، في 19 أيلول 2016. وأبدى وزير المالية في حكومة الإنقاذ، رشيد أبو لحوم، استعداد صنعاء لـ«التعاطي الإيجابي» مع أيّ مساعٍ أممية «تفضي إلى رفع العقاب الجماعي المفروض على موظفي الدولة»، داعياً الأمم المتحدة إلى إلزام القوى الموالية لـ«التحالف» بتنفيذ الشقّ الاقتصادي من «اتفاق استكهولم» الموقّع في أواخر عام 2018، والذي يقضي بإيداع صنعاء العائدات الضريبية والجمركية المستوفاة من سفن المشتقّات النفطية الواصلة إلى ميناء الحديدة، في حساب خاص برواتب الموظّفين، مقابل أن تتكفّل حكومة الطرف الآخر بسداد العجز من عائدات النفط والغاز، على أن يتمّ الصرف وفقاً لكشوفات ما قبل الحرب.