غزة | على الرغم من تمرير دولة الاحتلال «مسيرة الأعلام» في مدينة القدس، وإحجام المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عن الردّ المباشر على هذا الانتهاك، إلّا أن حالة الاستنفار على المقلبَين الفلسطيني والإسرائيلي لا تزال في أعلى مستوياتها، وخاصة في منطقة غلاف غزة. وفي ضوء المباحثات التي أجراها الوسطاء، والتي رفضت خلالها المقاومة إعطاء أيّ تعهّدات بعدم الردّ على انتهاكات الأحد، كثّف جيش العدو من إجراءاته على حدود القطاع في اليوم التالي لـ«مسيرة الأعلام»، خشية ردّ غير متوقَّع من المقاومة. وأفادت مصادر ميدانية، «الأخبار»، بأن قوات الاحتلال لا تزال متخفّية عن الأنظار على طول الحدود، فيما تمنع السلطات الإسرائيلية المستوطنين من الوصول إلى المناطق الزراعية القريبة من غزة، بعد إخلائها عدداً من مستوطنات الغلاف بشكل شبه كامل، تحسّباً لإمكانية وقوعها في مرمى نيران المقاومة. وكشفت المصادر أن دبّابة تابعة للاحتلال اقتربت من السلك الفاصل شمال مدينة بيت حانون شمال القطاع، ومن ثمّ انسحبت، وقد تبيّن لعناصر المقاومة أن هذه الدبّابة مزوّدة بمنظومة «معطف الريح» التي تتصدّى للصواريخ المضادّة للدروع. في المقابل، لا تزال المقاومة في أعلى درجات تأهّبها واستعداداتها لأيّ خيار تقرّره القيادة السياسية والعسكرية وفق تقديرات الموقف الخاصة بها، بحسب المصادر. ويأتي ذلك فيما قرّر رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال، أفيف كوخافي، أمس، تعيين قائد جديد للتحرّك الهجومي على غزة في الجولة المقبلة، وهو العميد احتياط تشيكو تامير، في خطوة يُنظر إليها على أنها تهديد جديد للقطاع. في غضون ذلك، كشف الناطق باسم حركة «حماس»، فوزي برهوم، أن الحركة تلقّت سيلاً من الاتّصالات خلال الأيام الأخيرة لمنع الوصول إلى «حالة حرب حقيقية» مع الاحتلال، على خلفية «مسيرة الأعلام» في مدينة القدس، لافتاً إلى أن «الفصائل لديها حساباتها في التعامل مع الاحتلال وتقدير المواقف المناسبة في عملية الردع»، مضيفاً أن «تهديدات المقاومة وضعت حدّاً لمسار المسيرة، والتغييرات الكبيرة التي طرأت عليها بقرار من حكومة العدو». من جهته، كشف مستشار رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، طاهر النونو، أن هنية أكد لجميع الأطراف التي تواصلت معه أن ما جرى في القدس والمسجد الأقصى «لن يُغتفر»، «رافضاً إعطاء أيّ تعهّد أو ضمانات لأيّ طرف حول ما يمكن أن تكون عليه الأوضاع داخل فلسطين المحتلة»، مضيفاً أن «المقاومة ستُواصل طريقها حتى اجتثاث الاحتلال من الأرض الفلسطينية والقدس». بدوره، اعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، أن «إسرائيل تجاوزت كلّ الخطوط الحمراء والخطوط الدولية والاتفاقيات من خلال عدوانها المتكرّر على الأقصى والقدس، ومحاولتها فرض واقع يناقض (الستاتيكو) التاريخي للحرم القدسي الشريف»، مشيراً إلى أن دولة الاحتلال «احتاجت إلى أكثر من 3000 شرطي وجندي وحوالى 40 ألف مستوطن، لترفع علماً في شوارع القدس».
في هذا الوقت، تواصلت تهديدات الاحتلال لقائد حركة «حماس» في غزة، يحيى السنوار؛ إذ قال عضو «الكنيست» عن حزب «الليكود»، الجنرال احتياط يوآف غالنت، إن «السنوار من منظورنا هو في حُكم الميت، ويجب أن يتمّ ذلك في أسرع وقت ممكن مهما كانت العواقب». كذلك، استمرّت المزايدات الداخلية بين أطراف في حكومة نفتالي بينت، وبين المعارضة بقيادة بنيامين نتنياهو، حيث رأى وزير المالية، أفيغدور ليبرمان، أن «مسيرة الأعلام تسلّط الضوء على الفرق بين حكومة التغيير وحكومة «كلام فاضي» بزعامة نتنياهو»، مضيفاً «(أننا) اتّخذنا القرار الصحيح، وأرسلنا تحذيراً صارماً إلى حماس، هذا هو كلّ الفرق بين القول والفعل».