طوباس | يبدو أن أمن السلطة الفلسطينية قرّر استئناف حملة الاعتقالات بحقّ المقاومين المطلوبين لـ«الشاباك»، ومن «الجهاد الإسلامي» خصوصاً، بعد تجميد هذه الاعتقالات في الأشهر القليلة الماضية، وذلك بالتوازي مع استمرار استعدادات «سرايا القدس» للتصدّي لاقتحام إسرائيلي وشيك لمخيّم جنين. واعتقلت قوّة مشتركة من الأمن الفلسطيني، أمس، المقاوم فادي بشار دراغمة من مدينة طوباس. ودراغمة هو أحد مقاومي «سرايا القدس»، وأسير محرَّر من سجون العدو وجريح برصاصه، ويطارده «الشاباك»، وقد فشل جيش الاحتلال في اعتقاله عدّة مرات في الأشهر الماضية. ويقول مصدر مطّلع، لـ«الأخبار»، إن قصّة فادي مع السلطة بدأت عندما أُفرج عنه من السجون الإسرائيلية العام الماضي بعد قضائه خمس سنوات فيها، حيث لم تكد ثلاثة أشهر تمرّ على إطلاق سراحه، حتى اعتقله أمن السلطة في سجن أريحا لمدّة شهر وعدّة أيام، وعرّضه لتعذيب قاسٍ، خاض إثره إضراباً عن الطعام، ثم أُفرج عنه بداية العام الحالي. ويضيف المصدر أن فادي عاد إلى ميدان «سرايا القدس»، وأطلق النار عدّة مرّات تجاه جيش العدو خلال اقتحام الأخير طوباس في الأشهر الفائتة، الأمر الذي دفع بأجهزة أمن السلطة إلى ملاحقته، وبعد فشل اعتقاله، اقتحمت قوات الاحتلال منزله بحثاً عنه، لكنّها فشلت في العثور عليه في 23 شباط الماضي. وقد قال فادي بعد فشل أوّل اقتحام إسرائيلي لاعتقاله: «شكراً للأجهزة الأمنية لتسليم الملفّ لإسرائيل... بس ما زبطت معكم، قاعد على قلوبكم».
ويُعدّ دراغمة قائد «سرايا القدس» في مدينة طوباس، وهو انضمّ إلى العمل المقاوم مع «كتيبة جنين» في السرايا، نظراً إلى العلاقة التي تربطه بمقاومي جنين من مختلف الفصائل وليس السرايا فقط. ويرتبط دراغمة، أيضاً، بعلاقة متينة مع الشهيد عبدالله الحصري، الذي قال في رثائه عند استشهاده: «وهل بعد هذا الفراق فراق! من تحقيق أريحا شرقاً إلى تحقيق الجلمة غرباً، ومن سجن النقب جنوباً إلى سجن جلبوع ومجدو شمالاً، كنتَ الأسد الذي راهن عليه الجميع، بكتْكَ القلوب دماً قبل أن تبكيك العيون... يا حبيب القلب الله يرحمك». كما يرتبط فادي بصلة قوية مع الشهيد داوود الزبيدي من «كتائب شهداء الأقصى»، والذي سقط قبل أيام، حيث قال في رثائه: «خسارتنا فيك لا يمكن وصفها، فقد كنْت السند والأب الروحي للمقاومة، لقد خسرتك فلسطين كلّها، أبا طه يا غالي، الله يرحم روحك».
يدلّل اعتقال دراغمة على وجود قرار لدى السلطة الفلسطينية باستمرار ملاحقة المقاومين


ويُنظر إلى فادي على أنه «مُجدّد الاشتباك في طوباس»، وله الفضل في إعادة عمليات إطلاق النار ضدّ جيش العدو إلى المدينة منذ نهاية العام الماضي وحتى نهاية الشهر الفائت. وعلى رغم أنه ينشط في طوباس، إلّا أنه عمل أيضاً في جنين مع مقاومي كتيبتها في أحيان كثيرة. ويدلّل اعتقال دراغمة على وجود قرار لدى السلطة الفلسطينية باستمرار ملاحقة المقاومين في الضفة الغربية، وإن كانت أوقفت الملاحقة والاعتقالات في مخيم جنين أو أجبرتها قوّة المقاومة هناك على ذلك، إلّا أنها تستمرّ في هذا النهج في مدن ومناطق أخرى غير جنين.



عملية خاطفة في جنين... والمقاومة صاحية
شنّ جيش العدو، مع قواته الخاصة، صباح أمس، عملية عسكرية خاطفة في مدينة جنين، اعتُقل خلالها الشاب أسيد تركمان من بيته في حيّ الهدف الملاصق للمخيم. لكن خلال العملية، اتّبع الاحتلال تكتيكات مختلفة في محاولة خداع المقاومين واستدراجهم لاصطيادهم وتصفيتهم، ومنها: الانتشار في مناطق بعيدة عن الهدف الرئيس للعملية مثل مدخل مخيم جنين، شارع الناصرة ومناطق أخرى، إضافة إلى نشر قناصة وإطلاق عدد من طائرات الاستطلاع على علوّ منخفض في محاولة لرصد خروج أيّ من «المطلوبين» من المخيم، لكن هذه المحاولة باءت بالفشل؛ إذ على رغم المراقبة المكثفة والانتشار الدقيق، إلّا أن مقاومين نجحوا في إطلاق النار والانسحاب بسلام. ويكشف مصدر مطّلع، لـ«الأخبار»، أن المقاومين أطلقوا النار تجاه طائرة استطلاع أثناء تحليقها على علوّ منخفض ظهر أمس، وأنهم يدرسون استخدام تكتيكات بدائية جديدة تتعلّق بمواجهة مراقبة الطائرات والتخلّص من تأثيرها.