القاهرة | عندما قرّر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الاستماع إلى الشباب المؤيّدين له، للمرة الأولى منذ وصوله إلى السلطة في عام 2016، خلال مؤتمر الشباب الأول في شرم الشيخ، أطلق حينها لجنة للعفو الرئاسي عن المعتقلين. لكنّ عمل هذه اللجنة التي أَخرجت بعض المعتقلين على فترات متباعدة، توقّف بعد فترة لأسباب عدّة، في مقدّمتها حالة الانغلاق السياسي التي فرضها النظام على العملية السياسية. وتوازى ذلك مع قمع المعارضة التي حاولت التحرّك واستغلال الغضب في الشارع، على خلفية ما كشفه المقاوِل المصري الهارب، محمد علي، إبان حديثه عن عمليات الفساد والبزخ في الإنفاق على المشاريع التي قام بها السيسي ونظامه، رغم الأزمة الاقتصادية المتصاعدة.وبالتزامن مع توقّف عمل اللجنة، كان يجري الزج بالمزيد من النشطاء في السجون، بقضايا سياسية تحمل اتّهامات فضفاضة وتلفيقات واضحة، من دون نقاش أو حتى مساحة لتلقّي محاكمة عادلة تتّسق مع أبسط قواعد العدالة، في وقت مُنعت فيه الزيارات عنهم لأشهر، وقضى كثير منهم سنوات طويلة خلف القضبان.
اليوم، تعود لجنة العفو الرئاسي للعمل بهدف تحقيق مواءمة سياسية. وتجري صياغة معادلة للإفراج عن المعتقلين في قضايا سياسية، تنصّ على التزامهم بعدم التحدّث بالسياسة مقابل شمولهم بالعفو وحصولهم على حريّتهم وعودتهم إلى عائلاتهم. كذلك، تجري صياغة اتفاق يضمن خروج أكبر عدد من المعتقلين، في أقلّ وقت، مع منعٍ غير معلن لعدد منهم من السفر خارج البلاد، في حين سيجري منع المعفو عنهم من الانخراط في الحياة السياسية، بشكل عام بسبب الأحكام الصادرة بحقّهم.
وفي هذا الإطار، لفتت مصادر «الأخبار» إلى أنّ معادلة لجنة العفو الرئاسي التي ترضى بها المعارضة، تتمثّل في إخلاء سبيل المسجونين مع عدم تنفيذ ملاحقات جديدة في الفترة المقبلة، والاتفاق على ملامح لتحقيق انفتاح سياسي محدود، يضمن وجود صوت للمعارضة، وفي الوقت نفسه يحفظ سيطرة غالبة للنظام في مختلف المجالات، بما فيها النقابات المهنية التي ستتواصل القيود على أنشطتها. وفي هذه الأثناء، جرى الإفراج عن 10 أسماء معروفة على الأقل، خلال الأسبوع الماضي، في خطوة وافقت عليها على مضض بعض الشخصيات البارزة داخل النظام.
وأوضحت المصادر أنّ تفاهمات لجنة العفو الرئاسي التي سيجري الاحتفاء بنتائجها وتضخيمها، لن تتضمّن الأسماء التي أوقفت في الأيام الأخيرة بسبب مهاجمة النظام، لكونها من وجهة النظر الأمنية حاولت استغلال الفرصة بشكل واضح لتحقيق مكاسب لا يمكن القبول بها. إلّا أنّه سيجري إخلاء سبيل العشرات من الموقوفين تباعاً، خصوصاً غير المتورّطين في أعمال عنف، إلى جانب بعض الأسماء التي سُجنت لأسباب سياسية، على خلفية تدوينات منتقدة للرئيس أو معاونيه المقرّبين.
خطوة النظام الجديدة، هدفها إظهار وحدة داخلية باتت مطلوبة إقليمياً ودولياً لاستمرار المساعدات والدعم الاقتصادي، وهو ما يسعى السيسي لتحقيقه قبل الحصول على قرض صندوق النقد الدولي الجديد.
وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي كشفت فيه مصادر «الأخبار»، أنّه لا يوجد حديث عن تعديلات في القوانين السياسية، سواء المنظِّمة للانتخابات أو المرتبطة بالحياة السياسية بشكل عام، كما أنّ لا مجال للحديث عن أيّ تعديلات في القوانين الخاصّة بالسجون. إلّا أنّ هذه المصادر أوضحت أنّ الكثير من التفاصيل التي يجري العمل عليها، ستضمن تحقيق الحدّ الأدنى من المعاملات الإنسانية داخل السجون، مع تحسين أوضاع المسجونين، وكان آخرها إزالة الأسلاك الشائكة في اللقاءات بينهم وبين ذويهم، في سجون عدّة خلال زيارات العيد.