غزة | أمام مقرّ رئاسة «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين» غرب مدينة غزة، تجمَّع المئات من أصحاب البيوت المدمَّرة بشكل كلّي، في وقفة احتجاجية على تأخير إعادة إعمار بيوتهم من دون مبرّر، على الرغم من وجود الأموال اللازمة في أرصدة «الأونروا»، وتوافر مواد البناء. ورفع المواطنون لافتات ندّدوا فيها بتراخي الوكالة في إدارة الملفّ، فيما أشعل آخرون النار في الإطارات المطّاطية. رجب سعيد، وهو أحد المواطنين الذين فقدوا منازلهم خلال حرب العام الماضي، قال في حديثه إلى «الأخبار»، إنه أتمّ كافّة الاستعدادات الفنّية اللازمة للبدء في بناء بيته، إذ جهّز الخرائط ووثّقها في نقابة المهندسين وأخذ موافقة البلدية، وأنجز عقداً إشرافياً مع مهندس، ولم يتبقَّ له إلّا أن يأخذ الدفعة المالية للبدء في البناء، إلّا أنه ينتظر الخطوة الأخيرة منذ سبعة شهور. وتابع سعيد: «نسكن في بيت سيّئ، هو ما استطعنا استئجاره عقب الحرب، من دون أثاث، بعدما دمّر القصف كلّ مقتنيات منزلنا المكوَّن من طابقين، وكلّما ماطلت الجهات المسؤولة في البدء في إعادة البناء، يزداد وضعنا النفسي والمعيشي سوءاً».بسام الفار، هو المتحدّث نيابة عن الفصائل المشاركة في الوقفة، أعلن أن «الأونروا» التي تتوافر لديها كلّ متطلّبات إعادة الإعمار، «لم تنجز في هذا الملفّ شيئاً». وطالب الوكالة بمحاسبة كلّ «من أسهم في تأخير عملية الإعمار من دون مبرّر»، محذّراً من «موقف صارم للفصائل في حال لم يتمّ البدء بالعملية». وكانت لجنة المتابعة في الفصائل الوطنية والإسلامية قد أصدرت بياناً، أكدت فيه أن ما يجري من تأخير لا مبرّر له، وقالت: «فوجئنا أثناء المتابعة مع كلّ الجهات المعنيّة أن ملفّ إعادة الإعمار لأصحاب الهدم الكليّ من اللاجئين، والذي تكفّلت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين بإنجازه، وهو يضمّ حوالي 700 بيت موزّعة على كلّ محافظات القطاع، لم يُنجز فيه شيء حتى اللحظة، على رغم أن كلّ متطلّبات الانطلاق في إعادة الإعمار متوافرة، حيث دُفعت الأموال من المانحين وتتوافر المواد اللازمة للبناء، وعملت وزارة الأشغال على حلّ كلّ الإشكاليات التي تواجه الوكالة في إدارة الملفّ».
تسبّبت حرب العام الماضي في تدمير أكثر من 700 منزل بشكل كلّي


من جهته، علّق المتحدث الرسمي باسم «الأونروا»، عدنان أبو حسنة، على الوقفة، بإعلانه أنه تمّت الموافقة على البدء بإعمار بيوت لقرابة 90 اسماً، مشيراً، في تصريح صحافي، إلى أن الأموال ستُرسَل خلال أيام إلى البنوك، من أجل البدء بالإعمار ضمن دفعات. ولفت أبو حسنة إلى أن الوكالة أنهت ملفّ الأضرار الجزئية، إذ قدّمت تعويضات لـ7 آلاف منزل تضرّرت بشكل متفاوت خلال الحرب، فيما تتولّى مهمّة صرف بدل الإيجار لأصحاب البيوت التي دُمّرت بشكل كلّي، لمدّة 6 شهور، ثمّ أعادت صرف أربعة شهور أخرى. إلّا أن محمود خلف، وهو منسّق «اللجنة المشتركة للاجئين الفلسطينيين»، شدّد على أن المطلوب من «الأونروا» هو وقف المماطلة في إعادة الإعمار، والشروع في دفع الأموال للعائلات التي دُمّرت منازلها، خصوصاً أنها تمتلك كامل الموازنة الخاصة بذلك. وقال خلف، في تصريحات صحافية، إن هذه المماطلة تحدُث على رغم «عدم ممانعة إسرائيل تسديد مبالغ الإعمار للمتضرّرين»، غير أن الأخطر، بحسبه، هو أن الدول المانحة تهدّد بسحب أموالها إذا لم يتمّ صرفها.
إزاء ذلك، أوضحت مصادر مطّلعة، في حديثها إلى «الأخبار»، أن «الأونروا ليست سوى جهة تنفيذية تخضع لقرارات الجهات المموِّلة والمانحين، وهي في مماطلتها في إنجاز الملفّ، تنفّذ رغبة إسرائيلية في إطالة أمد إعادة الإعمار إلى أطول مدى». وتحدّثت المصادر ذاتها عن وجود تباين في الرؤى في شأن الآلية التي ستتمّ بها إعادة الإعمار، إذ ترفض إسرائيل الآلية المعروفة، القائمة على تقديم الأموال إلى المواطن، الذي يتولّى بدوره كافّة الأمور الفنّية. كما لفتت إلى وجود عراقيل عمدت تل أبيب، ومعها العواصم المانحة، إلى وضعها بما يُجبر أصحاب البيوت المدمَّرة على تقديم كافّة التفاصيل المتعلّقة بالبناء الجديد، من الخرائط إلى المهندس المشرف وصولاً إلى مساحة البيت وعدد الطبقات ومكانه بالتحديد، وهو ما يسهم في تأخير الحصول على الموافقات التي يتمّ بموجبها صرف الدفعات المالية.
وكانت إسرائيل قد شنّت حرباً على قطاع غزة في 10 أيار الماضي، استمرّت طوال 11 يوماً، وتسبّبت في تدمير أكثر من 700 منزل بشكل كلّي، وتضرُّر آلاف المنازل الأخرى، إلى جانب تدمير سبعة أبراج سكنية وعشرات الطرق الرئيسة والمرافق العامة، فضلاً عن استشهاد 255 فلسطينياً، بينهم 66 طفلاً، و39 سيدة، و17 مُسنّاً، وإصابة أكثر من 1948.