صنعاء | على متن طائرات تابعة للقوات الجوية السعودية، وصل أعضاء «المجلس الرئاسي» المشكَّل في الرياض، إلى عدن، لأداء اليمين الدستورية أمام البرلمان، في ما بدا أنه استعجال من جانب المملكة لاستكمال الانقلاب على الرئيس المُعفى، عبد ربه منصور هادي. الترتيبات التي جرت برعاية سعودية لعودة «الرئاسي» إلى «عاصمة الشرعية»، بدأت قبل أسبوع، بنصب القوات السعودية بطاريات «باتريوت» في مطار عدن وبالقرب من القصر الرئاسي في المعاشيق، وتحريك ميليشيات موالية للإمارات تتبع عضو «الرئاسي»، طارق صالح، من الساحل الغربي إلى المدينة الجنوبية، للمشاركة في تأمين الحماية للوافدين الجُدُد. كذلك، وصل عدد من الضباط والجنود الأميركيين إلى القصر الرئاسي، برفقة عدد من ضباط الاستخبارات العسكرية، بعد تهديدات أطلقتها بعض الجهات الجنوبية الرافضة لعودة المجلس إلى عدن.وفي مواجهة ردّة فعل الشارع الجنوبي، التقى رئيس «المجلس الرئاسي»، رشاد العليمي، بعدد من رؤساء المكوّنات الجنوبية الموالية للرياض، وطلب منها التدخّل لتهدئة الشارع، بعدما اتّسعت أزمة الثقة بين «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، والموالين له في المحافظات الجنوبية، على خلفية مشاركة رئيس «الانتقالي»، عيدروس الزبيدي، في «المجلس الرئاسي»، في خطوة استفزّت الشارع الجنوبي ووضعت الزبيدي ورفاقه المشاركين في مشاورات الرياض، في موضع المتّهم بـ«إسقاط القضيّة الجنوبية والعودة إلى مشروع الوحدة مقابل منصب شكلي». وفي محاولة لامتصاص حالة السخط لدى أنصار «الانتقالي» و«الحراك الجنوبي»، عمل الزبيدي على إطلاق عدّة وعود للشارع الجنوبي، منها مناقشة القضية الجنوبية في إطار خاص سيفضي إلى استفتاء شعبي على فكّ الارتباط، واعداً أيضاً بأن تكون عودة «الرئاسي» إلى عدن وممارسة مهامه منها، سبباً لتحسين الأوضاع الاقتصادية والخدمات فيها. لكن موجة الرفض الشعبي لقدوم المجلس إلى «العاصمة الموقتة» لا تزال على حالها. وفي ظلّ الإجراءات الأمنية المشدّدة التي تشهدها المدينة منذ أيام، أطلق مئات الناشطين حملة رفع العلم الجنوبي فوق كل بيت فيها، رداً على قيام القوات السعودية، خلال الأيام القليلة الماضية، برفع أعلام الجمهورية اليمنية في مطار عدن وشوارعها، وفي واجهات المباني والمؤسسات الحكومية، واستبدال صور الزبيدي هادي، بصور العليمي.
من جهتها، قالت مصادر دبلوماسية موالية لـ«التحالف» إن الرياض أبلغت القيادات اليمنية الموالية لها بضرورة العودة إلى الداخل اليمني لإعادة تفعيل مؤسسات الدولة، وصرفت للعائدين مبالغ مالية كبيرة. وبحسب رئيس مجلس الشورى، أحمد عبيد بن دغر، الذي وصل إلى عدن رفقةَ حراسة سعودية مشدَّدة، فإن عودته تأتي في إطار برنامج شامل لعودة مؤسسات الدولة المركزية للعمل من المدينة. إلّا أن القيادي في حزب «المؤتمر الشعبي العام» المناهض لـ«التحالف»، ياسر اليماني، استبعد بقاء «الرئاسي» في المدينة الجنوبية، ورأى أن التحركات السعودية فيها لن تستمرّ طويلاً، متوقّعاً مغادرة معظم القيادات قريباً. وبحسب مراقبين، تحاول الرياض إخراج الانقلاب على هادي وشرعيّته بطريقة انقلابية أيضاً، كون عدد أعضاء البرلمان الموالي لها أقلّ من النصاب القانوني المطلوب لعقد جلسة خاصة بأداء اليمين الدستورية (136عضواً بعد وفاة أكثر من 30، من أصل عدد أعضاء البرلمان البالغ 301). وأفادت مصادر قانونية، «الأخبار»، بأن الجلسة البرلمانية التي فُرضت بحماية سعودية «غير دستورية كون عدد أعضاء برلمان الطرف الآخر لا يتجاوز 73 عضواً»، موضحة أن «أيّ إجراءات سيقوم بها المجلس ليست قانونية ومخالفة للدستور اليمني». وأشارت المصادر إلى أنه وفقاً للدستور اليمني، فإن ما حدث في الرياض «انقلاب كامل مخالف للدستور، حتى وإنْ أُجبر هادي على التفويض، فإن الدستور يشترط أن يتقدَّم الرئيس بهذا المقترح للبرلمان لكي يصادق عليه مسبقاً، كون هادي سبق له أن قدّم استقالته مطلع عام 2015 إلى البرلمان في صنعاء قبل الانقسام، ولم يوافق عليها». مع هذا، «تحاول السعودية إنهاء أيّ أثر لهادي الذي لا يزال معتقلاً مع كل أفراد عائلته، وهم بالعشرات، في الرياض، بطريقة غير دستورية وغير قانونية».