هل يتجاوز العيساوي حالة العداء مع المالكي وينضمّ إلى تحالف معه؟
ويُعتبر العيساوي المنتمي إلى «الحزب الإسلامي»، واجهة «الإخوان المسلمين» في العراق، من المؤثّرين في محافظة الأنبار. ولذلك، فإن خروجه سوف يؤدي إلى تغيير في موازين القوى على الساحة «السُنّية» لغير مصلحة القوى المدعومة من الخليج وتركيا، بمعزل عن ما إذا كان سينضمّ إلى أيّ تحالف سياسي في موضوع تشكيل الحكومة، يؤدي إلى كسر الانسداد الحالي، بخاصة أن التحالف الثلاثي ارتكز في الأساس على تغيّر ولاءات عدد من النواب «السُنّة»، ما أمّن له كتلة «سُنّية» من 67 نائباً رفعت عدد نوّابه إلى نحو 175 من أصل عدد مقاعد البرلمان الـ329. وعلى رغم كلّ ما تَقدّم، فشل التحالف في تحقيق نصاب الثلثين في البرلمان لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، بالتالي قيام الأخير بتكليف الكتلة الأكبر في البرلمان بتشكيل الحكومة. وكان أوّل لقاء سياسي للعيساوي مع وفد من نواب تكتّل «عزم» المعارضين لاتفاق الخنجر مع الحلبوسي زاره في الفلوجة، بقيادة خالد العبيدي الذي كان أحد المرشّحين لرئاسة مجلس النواب. كما لقي أيضاً استقبالاً حافلاً من قِبَل المئات من أنصاره، وهو المعروف بدوره في تنظيم التظاهرات التي واكبت «الربيع العربي»، مستفيداً من «الإحباط السُنّي» الذي ساد في ذلك الوقت. لكن الصورة تغيّرت كثيراً في العراق مذّاك الحين، حيث أدّى ظهور «داعش» والخراب الذي ألحقه بالعراق إلى انقلاب في الموقف «السُنّي» ضدّ التطرّف.
السؤال الآن هو هل يمكن أن يغيّر خروج العيساوي في ولاءات عدد من النواب «السُنّة»، بما يكفي لقلب المشهد لمصلحة القوى المعارِضة للتحالف الثُلاثي، إذا ما افترضنا أنه يرغب في ذلك؟ الجواب هو لا، إلّا إذا أدى هذا التطوّر إلى تصدّع «الثُلاثي»، وعودة «الديموقراطي الكردستاني»، طائعاً أو مُكرهاً، تحت ضغوط معيّنة، إلى المساومات مع القوى الأخرى، بعد اقتناعه باستحالة الحصول على منصب رئيس الجمهورية المخصّص لـ«الاتحاد الوطني الكردستاني»، وفق اتفاق 2006، الذي وحّد حكومة إقليم كردستان وأعطى رئاسة الإقليم لـ«الديموقراطي». فوق ما تَقدّم، يتطلّب هكذا ترتيب من العيساوي، تجاوز حالة العداء مع المالكي الذي يشكّل حزبه، «ائتلاف دولة القانون»، الكتلة الأكبر داخل «الإطار التنسيقي». لكن في كلّ الأحوال، سوف تزيد عودة العيساوي تعقيد المشهد العراقي المضطرب؛ إذ ستضيف إلى الانقسام الذي يعاني منه الصفّان «الشيعي» و«الكردي»، انقساماً في الصفّ «السُنّي»، إلّا أن الأهمّ أنها ستربك حسابات التحالف الإقليمي - الدولي الذي يقف خلف «الثُلاثي»، ويسعى لإبعاد العراق عن دائرة النفوذ الإيراني. وفي هذا الإطار، يعتبر النائب عن كتلة «بدر»، المنضوية في «التنسيقي»، عدي شعلان، في حديث إلى «الأخبار»، أنه «بخروج العيساوي، سوف تكون هناك صراعات وتكتّلات جديدة»، لافتاً إلى أن «هناك معلومات تشير إلى أنه سيتحرّك لاستعادة الزعامة السُنّية».
على أن تصدُّع التحالف الذي يقوده الصدر لم ينتظر خروج العيساوي؛ إذ بدأت ملامحه بالظهور مع نشوب خلاف بين الحلبوسي ونائبه الأول، القيادي في «التيار الصدري»، حاكم الزاملي، حول صلاحيات رئاسة المجلس، نتيجة إصرار الأخير على أن قرارات البرلمان يجب أن تكون من خلال هيئة الرئاسة، التي تتكوّن من الرئيس ونائبَيه (النائب الثاني للحلبوسي هو النائب عن «الديموقراطي الكردستاني»، شاخوان عبدالله)، فيما يعتبر الحلبوسي أن صلاحيات اتخاذ القرارات هي بيد الرئيس حصراً في حال وجوده على رأس عمله.