صنعاء | بدت تحرّكات «المجلس الرئاسي» الموالي للتحالف السعودي - الإماراتي، خلال اليومين الماضيين، مناهضة للسلام، إذ بدأ يتكشّف أنه جيء بأعضائه في مهمّة ترتيب الجبهات الداخلية، من أجل تجديد التصعيد في الفترة المقبلة. فرئيس المجلس، رشاد العليمي، توعّد، في أوّل كلمة له، باستمرار ما سمّاها «معركة استعادة الدولة ومواجهة الميليشيات الموالية لإيران»، ملمّحاً إلى رغبته في بقاء القوات الأجنبية في المحافظات الجنوبية والشرقية تحت ذريعة «مكافحة الإرهاب».وعلى رغم فشل المجلس، حتى يوم أمس، في الاتفاق على لائحة داخلية تنظّم عمله وتُحدّد صلاحيات أعضائه، بدأ رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، عضو «المجلس الرئاسي» عيدروس الزبيدي، ممارسة مهامّ نائب الرئيس المعزول، علي محسن الأحمر، بلقاء قيادات عسكرية، أبرزها وزير دفاع الحكومة الموالية لـ»التحالف»، وعدد من المسؤولين الموالين للرئيس المُعفى من مهامّه، عبد ربه منصور هادي، وآخر لحزب «الإصلاح»، لبحْث الترتيبات العسكرية التي يجريها «الرئاسي» لدمج الميليشيات العسكرية، في إطار العودة إلى التصعيد العسكري. وفيما بعث الزبيدي برسالة إلى الشارع الجنوبي الساخط من مشاركته في مجلس رئاسي مختَلَق من قِبَل «التحالف»، يقول فيها إنه تمكّن من إسقاط قائد حرب صيف عام 1994، الجنرال علي محسن الأحمر، وخلَفَه في مهامّه كنائب للرئيس، عقد العميد طارق صالح، الموالي للإمارات، اجتماعاً بقيادات عسكرية وأمنية مساء السبت، في العاصمة السعودية الرياض، بصفته نائباً لرئيس المجلس، علماً أن بيان إطاحة هادي حدّد كل عضو في المجلس نائباً، وهي درجة وظيفية لا علاقة لها بالمهام.
وتفيد مصادر دبلوماسية في الرياض، بأن هناك مخاوف من غدْر «حزب الإصلاح» المُمثَّل في المجلس، وتسليم مأرب إلى الجيش اليمني و«اللجان الشعبية»، رداً على عزْل الأحمر بشكل مهين من منصبه، ووضْعه قيد الإقامة الجبرية، فضلاً عن قيام المملكة أخيراً بالحجز على كافة الحسابات المصرفية الخاصّة بالموالين له من قيادات «الشرعية» السابقة. وتبيّن اللقاءات المكثّفة الموازية التي عقدها أيضاً التيار الموالي للإمارات في «المجلس الرئاسي» مع قيادات قبلية في محافظة مأرب، أن هناك ترتيبات عسكرية لتسليم الميليشيات الموالية لأبو ظبي الملفّ العسكري في هذه المدينة بعد سحبها من ميليشيات «الإصلاح»، علماً أن هذه الميليشيات حاولت تفجير الأوضاع عسكرياً صباح الجمعة، بعدما شنّت هجوماً عنيفاً على مواقع تابعة للجيش و«اللجان» جنوب مدينة مأرب، استمر لساعات وانتهى بسقوط المزيد من مواقع هذه الميليشيات. وتأتي هذه التحركات بالتزامن مع زيارة سيقوم بها المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس بروندبرغ، إلى عدد من المحافظات اليمنية خلال الأيام المقبلة، من مثل عدن وتعز وصنعاء، لبحث أُطر تنفيذ البند الرابع من الهدنة الموقّعة بين صنعاء والرياض من جهة، وبين صنعاء والحكومة الموالية لـ«التحالف» من جهة أخرى، وتعيين ضباط ارتباط موالين لفتح الطرق والممرات المغلقة منذ سنوات، ما يؤكد أن نوايا «المجلس الرئاسي» ليست متصلة بالسلام، وهو الذي لم يستطع، منذ أيام، جمْع عدد محدود من أعضاء البرلمان المنشقّين ليؤدّي اليمين الدستورية في السفارة اليمنية في الرياض، أو في مدينة عدن التي يُتوقَّع عودته إليها.
ومنذ الإعلان عن تشكيل «المجلس الرئاسي»، أدركت صنعاء أن ما حدث لا يعدو كونه «مسرحية هزلية» أسقطت هادي ونائبه، في مقابل تعيين آخرين، وهو ما يخالف الدستور اليمني الذي يُلزم رئيس الجمهورية تسليمَ مهامّه للبرلمان، على أن ينتخب الأخير مجلساً انتقالياً. لذلك، أكد «المجلس السياسي الأعلى» في صنعاء، خلال اجتماعه السبت، ضرورة التزام السعودية برفع الحصار وإزالة كل العوائق التي تعترض وصول السفن إلى ميناء الحديدة وفتح مطار صنعاء، بصفتها المدخل الرئيس للتعاطي مع بقية القضايا، معتبراً أن ما حدث «يؤكد زيف الشرعية التي تم الانقلاب عليها من قِبَل مَن اتّخذها يافطة لتدمير اليمن وقتال شعبه وحصاره لأكثر من سبع سنوات»، لافتاً إلى أن «مَن يشارك في مجلس المرتزقة، مشارك في العدوان على اليمن». وجدّدت حكومة صنعاء تمسُّكها بشروطها من أجل توقيع «اتفاق وطني مشترك»، مشيرةً على لسان نائب وزير الخارجية، حسين العزي، إلى أنها دعت مراراً «مرتزقة العدوان» إلى توقيع ميثاق شرف وإعلان وطني مشترك، إلّا أنهم رفضوا ذلك.