«مسجد في يافا؟ أمرٌ لا يُصدَّق. يجب تهجير عائلته وكلّ من قدّم له المساعدة في يافا»، هذا ما كتبه المستوطن غالي تسرفاتي، في تعليق على الخبر الذي أوردته صفحة «فوروم حولون» على «فايسبوك»، بعد إعلان «الشاباك» اغتيال الفدائيّ رعد حازم بالقرب من الجامع الكبير في مدينة يافا. من جهتها، دعت ريفيكا غاليتزيكي إلى «تهجير كلّ جنين إلى سوريا. يتوجّب إغلاق هذا المكان الشرّير المليء بالإرهاب»، فيما قال روني فيشينكو - روبيسا منذهلاً: «(الشهيد رعد حازم) ممنوع من دخول إسرائيل بسبب ماضيه الأمني! أمّا المثير في الأمر فهو أنه رغم كلّ ذلك نجح في الدخول والقيام بما أراد!». وسط كلّ ذلك، كانت سيغال كوك - أفيفي، والدة أحد الإسرائيليين العاملين في حانة غير بعيدة من مكان العملية، تقوم بـ«جردة حساب» على صفحتها في «فايسبوك»، وفيها خلصت إلى أنّ «إهمالنا ولا مبالاتنا وتجاهلنا (كإسرائيليين) لمعاناة الآخرين، الذين لا يختلفون عنّا كثيراً، هو سبب قتلنا جميعاً. لا أستطيع التخلّص من فكرة أن أفقد ابني!».في هذا الوقت، كانت تتفاعل حالة التيه التي تجلّت بوضوح في مشهد الفوضى الذي رافق العملية، حيث تنقّل عناصر وحدات النخبة في جيش العدو في شوارع تل أبيب، إلى جانب أكثر من 1000 شرطي، وعشرات آلاف المستوطنين المسلّحين، بلا هدف واضح. وهي مشاهد اعتبر المستوطن، تسيفيكا روبنشطاين، أن وسائل الإعلام العبرية بنقلها إيّاه، كانت المسؤول الأوّل والأخير عن إثارة حالة الهلع. وفي السّياق، كتب روبنشطاين مُوجّهاً كلامه إلى موقع «سروغيم» الإلكتروني: «لقد كشفت وسائل الإعلام أمس وحدات (عسكرية وأمنية) وأدوات خاصة، وتسبّبت بضرر لأمن الدولة. هكذا ثبت أنّ هذه الدولة تديرها وسائل الإعلام. وأنتم كموقع (سروغيم) ماذا يوجد عندكم للقول عن حكومة أوسلو الجديدة؟ فلتكتبوا حول أحوال الطقس!». أمّا في حساب الصحافي الإسرائيلي، ألموغ بوكير، العامل في «القناة 13»، فلم تكن الصورة أقلّ قتامة؛ إذ توجّهت إليه المستوطنة، شيران بوكوبزا، بالقول: «لقد اغتيل المخرّب، حمداً للرب! ولكن ألموغ، أنت ملزَم بالاعتراف بأن وسائل الإعلام تخطّت أمس كلّ الحدود. ما هذا؟ أين المسؤولية؟ هل كلّ هذا من أجل الرايتينغ؟ والسبق على مَن سيأتي بالبشارة أولاً؟ لقد تسبّبتم في رفع درجة الرعب حتى 300 درجة! تصوّرون الجنود والمقاتلين؟ تصوّرون الوحدات الخاصة؟ إلى أين وصلنا؟ ما هذا البرداك (الفوضى الشاملة - كلمة من السلانغ العبري)؟ عليكم التحلّي بالمسؤولية!». وفي السياق نفسه، رأى زميلها غالي إيل «(أنّنا) لسنا بحاجة لـ1000 مقاتل من أجل ملاحقة (ك.ب) كهذا. نحن بحاجة لطيار وطائرة واحدة، نجمع كلّ عائلته وصولاً للأقرباء من الدرجة الثالثة ونرمي بهم في صحراء السودان. وهناك اتركوهم يتدبّرون أمرهم وحدهم».
تحوّل عرس القتيل الصهيوني، إيتام ميغيني، المقرَّر بعد شهر إلى مأتم


ولكن كلّ هذا في كفّة، والغضب الذي انصبّ على وزير الصحة، نيتسان هيروفيتش، في كفّة أخرى. ففي تغريدة للأخير على صفحته في موقع «تويتر»، رأى أن «الإرهاب المقزّز لن يحقّق هدفه. سنحارب سويّاً ضدّ الكراهية المميتة من أجل إحقاق الأمن في تل أبيب والخضيرة وبئر السبع، وفي كلّ مكان في البلاد. سنستمرّ في تعزيز الحياة المشتركة هنا. يمين ويسار، يهود وعرب، كلّنا ضدّ الإرهاب...». ولم تكد تمضي دقائق قليلة على التغريدة، حتى اندفع طوفان «الحريديم» (اليهود المتشددون) متسائلين: «وماذا بشأن بني براك؟ (حيث نفّذ الفدائي ضياء حمارشة عملية إطلاق نار تسبّبت بمقتل ستّة إسرائيليين)؟ ألا يستحقون هم أيضاً الشعور بالأمن؟ هل الحريديم أقلّ من بقيّة الإسرائيلين؟ أمنهم لا يعنيكم». ووصفه بعضهم بأنه «إيفيس مأوفاس» (صِفر مُصفّر- تعبير عبري يُستخدم للدلالة على القيمة المنحطّة والهامشية للشخص)، فيما اتّهمه آخرون بأنه يتمادى في التفريط بالهوية والأسس اليهودية، خصوصاً وأن تجاهله لـ«الحريديم» يأتي بعد قراره مخالفة الشريعة اليهودية وإدخال «الخميرة» إلى المستشفيات في «الفصح».
إلى ذلك، تحوّل عرس القتيل الصهيوني، إيتام ميغيني، المقرَّر بعد شهر إلى مأتم؛ إذ نقلت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية عن ليئة، والدة آيلا، خطيبة ميغيني، قولها: «نحن منهارون. لقد بدأ العروسان بالفعل بإعداد قائمة المدعوّين. وحدّدا مكان الحفلة. في الأمس، شاهدنا في الأخبار أن هناك عملية. وكانت آيلا تعرف أنه (إيتام) كان في الحانة. اتصلَت به، ولكنه لم يجب. كذلك أنا فعلْت ولم يجب. لقد أدركنا أنه إن لم يتّصل بها ليطمئنها أنه بخير، فإذاً شيء ما سيّئ قد حصل. توجّهت إلى مستشفى إيخيلوف وطالبونا بإظهار صورته، لأنه لم يكن يحمل وثائق... ومن تعابير وجههم فهمت: بدلاً من العرس ستكون عندنا جنازة!». وفي مقابلة مع جدّه، حاجي، أكّد الأخير أن حفيده «خدم في الجيش في وحدة الغواصات. وكان طالباً نجيباً يدرس مساقات العلوم والحاسوب»، فيما قال ليوناردو رومنو، صديق القتيلَين إيتام وتومير، للصحيفة، إنه «لا كلمات لديّ. كانا مثل الذهب. أصدقاء حقيقيون. وأنا ببساطة، أريد أن نتذكّر أفضالهما. قرّرنا السهر في الحانة. في الطريق إلى هناك، عرفت أن عملية حدثت في تل أبيب. حاولت التواصل معهما هاتفياً ولكنّهما لم يجيبا. عرفنا أن شيئاً ما حصل. أنا أسكن في بئر السبع، وكنت قد أتيت في وقت سابق أمس إلى كفار سابا لزيارة أهلي... لقد أخذوا لي رفيقيّ».