تحوّل الجولاني إلى «مشروع يمكن لتركيا البناء عليه» بعد أن أبدى انصياعاً تامّاً لها
واجتمع مسؤول أمني تركي بقادة «الائتلاف» أكثر من مرّة، حيث تلقّى مسؤولو الأخير أمراً واضحاً بعدم الانسياق وراء المشروع القطري، وعدم مقاطعته في الوقت نفسه، وإنّما المشاركة في ندوة حجاب بشكل صوري لا أكثر، بالتوازي مع عملية «تصفية للائتلاف من الأصوات غير التركية، سواءً الشخصيات المعارضة المدعومة أميركياً أو حتى قطرياً»، بالإضافة إلى استبعاد الشخصيات التي تحاول عرقلة مسارَي «الدستورية» و«أستانا»، وبدء عملية ربط المعارضة السياسية بمجالس محلّية تمّ إنشاؤها بدعم تركي في المناطق التي تسيطر عليها تركيا، وذلك بهدف تشكيل «جسم معارض متكامل يرتبط بالأرض». ووفقاً للمصادر المعارِضة، فإن «الائتلاف» و«الحكومة المؤقّتة» التابعة له استشعرا خطر الدعم التركي الكبير لـ«هيئة تحرير الشام» التي يقودها أبو محمد الجولاني و«حكومة الإنقاذ» التابعة لها، خصوصاً مع فتح تركيا الباب أمام الجولاني للتوسّع في ريف حلب، في ظلّ حالة الفوضى الكبيرة التي تعيشها مناطق الفصائل التي تتلقّى دعماً مالياً كبيراً أبدت تركيا رغبة في تخفيضه، مقارنة بحالة «استقرار نسبي» تعيشها مناطق الجولاني، التي لا تتلقّى دعماً مماثلاً، الأمر الذي حوّل الأخير إلى «مشروع يمكن لتركيا البناء عليه»، بعدما أبدى انصياعاً تامّاً لأنقرة.
وبدأت تركيا تخفّض الميزانية المخصَّصة للمعارضة، سواءً السياسية أو حتى للفصائل المقاتلة في الشمال السوري، ما دفع «الائتلاف» المعارِض إلى إغلاق مقرّه في أنقرة، بالإضافة إلى إيقاف مشاريع عديدة في الشمال السوري، حيث انصبّ اهتمام تركيا على بناء تجمّعات سكنية على خطوط قريبة من الحدود السورية - التركية، لإعادة توطين لاجئين سوريين يتمّ الدفع بهم بشكل متتابع بهدف تشكيل حزام سكّاني يميل إلى تركيا من جهة، والتخلّص من أكبر قدر من اللاجئين السوريين في تركيا، من جهة أخرى. ويبدو أن الخطوة التركية أضرّت بمصالح معارِضين وهيئات معارِضة عدّة، تتلقّى تمويلاً من دول مختلفة بينها الولايات المتحدة وقطر وبعض الدول الأوروبية، حيث سيؤدي استبعادها من المشهد السياسي إلى قطع التمويل عنها، في ظلّ عدم جدوى هذا التمويل، خصوصاً أن هذه الهيئات منفصلة عن الميدان بشكل كامل. ويفسّر ذلك ردّة الفعل العنيفة من بعض الشخصيات التي تمّ استبعادها، والجدل الذي تعيشه أوساط المعارضة بشكل عام، وسط توقّعات بأن تؤدّي تلك التجاذبات إلى كشف المزيد من ملفّات الفساد، وعلاقة العديد من الأفراد والهيئات بجهات مختلفة خلال الفترة المقبلة.