الخرطوم | على وقْع استمرار الاحتجاجات في المدن السودانية كافّة، منذ انقلاب الجيش على شركائه المدنيّين في الحكومة الانتقالية في 25 تشرين الأول الماضي، زار رئيس «مجلس السيادة» الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، مصر، لأوّل مرّة منذ انقلابه، بعد زيارات مكّوكية قام بها خلال الأسبوعَين المنصرمَين إلى الإمارات، أوغندا، جنوب السودان، والسعودية. ووفقاً لبيان صادر عن الرئاسة المصرية، فإنّ الرئيس عبد الفتاح السيسي والبرهان «أكّدا على أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية، إلى جانب تعميق التعاون المشترك على الصعيدَين الأمني والعسكري». وأكّد البيان «استمرار مصر فـي إرسال حزم المساعدات والدعم اللوجستي والإنساني للسودان». من جهتها، كشفت مصادر مصرية، إلى «الأخبار»، عن «اتفاق مصري - سوداني يتضمّن تسلُّم القاهرة عدداً من عناصر الإخوان المسلمين الهاربين المتواجدين على الأراضي السودانية، مع التأكيد على عدم تجديد إقامتهم خلال الفترة المقبلة». كما كشفت المصادر أنّ البرهان وعد السيسي بالعمل على الكشف عن «مصير العناصر المتوارين حتى عن أنظار الأمن السوداني».ومع استمرار فشله في تشكيل حكومة جديدة، جدّد البرهان التأكيد أنّ «الجيش لا يخشى أحداً، ولن يُسلّم البلاد إلّا لسلطة أمينة منتخَبة»، في وقت أطاح فيه بآخر جهة تتولّى التوسّط بين الفرقاء السياسيّين، بعد إعلان وزارة الخارجية الشروع في سلسلة إجراءات لضبط عمل بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم، «يونيتامس»، التي تبذل، إلى جانب الاتحاد الأفريقي، جهوداً لحلحلة الأزمة السياسية، عبر عملية تشاورية بين الأطراف المختلفة. وقالت الوزارة، في بيان، إن «الحكومة شرعت في اتّخاذ إجراءات كفيلة بإعادة توجيه عمل بعثة يونيتامس، إلى مسارها المتّفق عليه وفق التفويض الممنوح لها، مثل: دعم اتفاق جوبا للسلام، وتنفيذ البروتوكولات الملحَقة بالاتفاق، وتطوير قطاع الرحّل والرعاة، وحشد الموارد اللازمة للتحضير للانتخابات، بدلاً من تركيز نشاطها في الجانب السياسي». وجاء ذلك بعد تحذير البرهان، رئيس البعثة الأممية فولكر بيرتس، من «الطرد خارج البلاد لتدخُّله السافر في الشأن السوداني»، ودعوته إيّاه إلى «الكفّ عن التمادي في تجاوز تفويض البعثة الأممية، والتدخّل السافر في الشأن السوداني»، ومطالبته «الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بتسهيل الحوار بين السودانيين وتجنُّب تجاوز تفويضهم والتدخُّل في شؤون البلاد». ويعتقد المحلّل السياسي، محمد عبد الباقي، أن قرار وزارة الخارجية يأتي كردّ فعل على إحاطة كان قد قدّمها بيرتس لمجلس الأمن الدولي، وحمّل فيها السلطة القائمة المسؤولية عن قمع التظاهرات، محذّراً من أن «السودان مهدَّد بالانزلاق نحو الصراع المسلّح ما لم يَستعِد المسار الدستوري». ويصف عبد الباقي، في تصريح إلى «الأخبار»، بيان الوزارة بأنه «بمثابة إشهار طلاق بين المجلس العسكري الحاكم والمجتمع الدولي، الأمر الذي ستترتّب عليه إعادة العقوبات والحصار الاقتصادي الذي عانى منه الشعب السوداني أيام نظام عمر البشير».
أكّدت مصادر متعدّدة تفاقم الخلافات بين البرهان و«حميدتي»


على خطّ موازٍ، تجدّد الحديث عن خلاف كبير بين البرهان ونائبه، قائد قوات «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو (حميدتي). وعلى رغم نفي الرجلَين صحّة هذا الحديث، إلّا أن مصادر عدّة أكدت، إلى «الأخبار»، تفاقم الخلافات بينهما، موضحةً أنّ البرهان يتّهم «حميدتي» بالقيام بحملة استقطاب بين القيادات العليا في الجيش بوسائل متعدّدة، كما أنه يرتاب في الزيارات الخارجية المعلَنة والسرّية التي قام بها نائبه وشقيقه، الفريق أول عبد الرحيم دقلو، القائد الثاني لـ«الدعم السريع»، وعلى رأسها إسرائيل وروسيا وإثيوبيا. وفي هذا الإطار، يَعتبر الباحث السياسي، محمود دراج، أن «الحديث عن وجود خلاف بين رئيس المجلس السيادي ونائبه دليلاً على حالة التخبّط وفقدان أيّ خطّة داخل المجلس لمواجهة الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد». ويرى دراج، في تصريح إلى «الأخبار»، أنّ «الأوضاع المزرية لا تحتمل غير العودة إلى المسار الديموقراطي».
وأدّى استمرار التأزّم السياسي في السودان، والمترافق مع اضطرابات أمنية، إلى تدهور إضافي في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية. وبلغ السعر الرسمي للدولار الأميركي، أوّل من أمس، 445.3988 جنيهاً سودانياً، فيما تجاوز سقف الـ700 جنيه في السوق الموازية، توازياً مع انخفاض سعر غرام الذهب بنحو 25%، ما سبّب خسائر فادحة لتجّار الذهب تُقدَّر بملايين الدولارات، وفق تصريحات صحافية لرئيس المجلس الاستشاري لاتحاد الصاغة، عاطف أحمد.