غزة | على نحو تجاوَز البروتوكول السنوي، ركّزت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة جهودها في زيادة الزخم الرمزي والشعبي لذكرى «يوم الأرض»، بعدما كانت أعلنت تدشين لجنة جديدة لدعم صمود فلسطينيّي الداخل المحتلّ. وبدأت الفعاليات الجماهيرية بمهرجان خطابي عقدته اللجنة، مطلع الأسبوع الماضي، في مخيم العودة في منطقة ملكة شرق مدينة غزة، حضَره قادة فصائل المقاومة واللجان العشائرية والأهلية، إلى جانب المئات من المواطنين. وفي يوم الأحد، نظّم «اتّحاد قبائل البادية»، وسط القطاع، مهرجاناً تراثياً بعنوان: «وحدتنا بقوّتنا»، عُرضت فيه مظاهر الحياة البدوية وأَمّته كافة القبائل والعشائر، ليبدو أشبه بتظاهرة إعلامية عشائرية لمساندة فلسطينيّي النقب، الذين تربطهم ببدْو غزة علاقات اجتماعية وأواصر عشائرية عريقة، تزامناً مع ما يواجهه سكّان النقب من مخطّط استيطاني يهدف إلى مصادرة 800 ألف دونم من أراضيهم، التي تمثّل أكبر جغرافيا يمتلكها فلسطينيّو الداخل، بمساحة تتجاوز المليون دونم. كما أحيت المؤسّسات التعليمية في غزة، الذكرى، من خلال برامج إذاعية صباحية تضمّنت فقرات فنّية وخطابية، فيما خُصّصت الحصّة الأولى للاحتفاء بالمناسبة، عبر شرح الخصوصية الكبيرة التي يحظى بها فلسطينيّو الداخل، والتوعية بمخطّطات الاحتلال الرامية إلى أسْرلتهم، بهدف الحدّ من دورهم النضالي. كذلك، نظّمت فصائل العمل الوطني مهرجاناً حاشداً عصر يوم الخميس، على أرض ميناء غزة. وأكد محسن أبو رمضان، وهو مسؤول «لجنة دعم شعبنا في الداخل المحتلّ»، أن رسالة الفعاليات الشعبية والأهلية هي أن محاولات عزل القطاع، وإشغاله بهمومه المعيشية، لن تنجح، وأن غزة ستشكّل «ظهيراً مسانداً لشعبنا في الداخل المحتلّ، على طريق تفكيك منظومة الاستيطان والفصل العنصري». بدوره، قال الناطق باسم حركة «حماس»، فوزي برهوم، إن رسالة المقاومة في القطاع هي أنها موحّدة «إلى جانب أهلنا في النقب وأم الفحم والمثلث والقدس، على طريق انتزاع الحقوق الفلسطينية بتحرير الأرض من البحر إلى النهر».

نقطة فارقة
ويرى مراقبون أنّ معركة «سيف القدس»، التي رافقتها هَبّة عارمة في مدن الداخل المحتلّ تضامناً مع المقاومة في غزة، ورفضاً لمحاولات تهويد المسجد الأقصى وتغيير الوقائع الديموغرافية في البلدة القديمة في القدس، شكّلت نقطة فارقة في تاريخ الصراع؛ إذ أثبتت أن كلّ محاولات الاحتلال وسياساته الرامية إلى تدجين الفلسطينيين لم تنجح. كما شكّلت المواجهات التي قضى فيها عدد من الشهداء، لَبِنة يمكن البناء عليها في توسيع حالة الاشتباك، إلى حيّز مكاني يقع في عمق كيان الاحتلال. وفي هذا الإطار، يشير المحلّل السياسي، أيمن الرفاتي، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أن «معركة سيف القدس لفتت الانتباه إلى قدر الثقل والزخم الذي يمكن أن يشكّله فلسطينيّو الداخل في أيّ مواجهة مقبلة مع الاحتلال، ما دفع الفصائل الفلسطينية إلى القيام بدور أكثر وضوحاً وفعالية، في زيادة اللُحمة الشعبية بين سكّان غزة والضفة والداخل، الأمر الذي سيعزّز من حضور فلسطينيّي الداخل لدى الأجيال الصاعدة، بعد سنوات من التهميش والغياب». ويَعتبر الرفاتي أن «الاحتلال الذي كان يعتقد أن استقطابه لبعض النخب السياسية التي تأسْرلت سياسياً وانسلخت عن هويّتها التاريخية والوطنية، يمكن أن يُغيّب الحسّ الوطني في جماهير الداخل، أثبت عقمه، ومحدودية تقديره».
من جهته، يرى المختصّ في الشأن الإسرائيلي، إسماعيل محمد، أن «العملية الخطيرة البطولية التي نفّذها الشهيدان إغبارية، والتي حاول الاحتلال تشويه منفّذَيها بوصمهما بالانتماء إلى داعش، تؤكّد أن مفاعيل سيف القدس لا زالت حاضرة، وأنّ الرهان الشعبي والفصائلي على جبهة الداخل لن يخيب». ويشير محمد إلى أن «الاحتلال بدأ يعدّ سيناريوات أمنية جديدة، يُشير إليها إعلانه عن عملية كاسر الأمواج التي تستهدف مواجهة الخطر الأمني في الضفة والداخل، غير أنّ هذه الجبهة غير تقليدية مثل غزة والضفة ولبنان وسوريا، إذ إن الخطر اليوم من داخله، وقد يبدأ تخطيطاً وتنفيذاً في داخل شاب عشريني قرّر في لحظة أن يترك توقيعه على خريطة المخطّطات الإسرائيلية التي تستهدف تاريخه وهويّة أجداده».