طرابلس | انعقدت، على مدى الأيام الماضية، عشرات اللقاءات على أعلى المستويات بين الفرقاء الليبيين، سواءً في طرابلس أو بنغازي أو القاهرة أو الجزائر، إلّا أن هذه اللقاءات لم تثمر نتائج جوهرية يمكن البناء عليها، لسبب وحيد مرتبط بغياب الإرادة السياسية لدى جميع الأطراف، في انتظار تحوّل خارجي ما يرجّح كفّة أحدها. واتّسمت الاجتماعات الأخيرة بالبروتوكولية الشديدة، فيما بدا أن كلّ طرف ينظر إلى مسألة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية من زاويته، ويريد عقدها وفق ما يراه مناسباً لمنع تكرار مأساة المرحلة الانتقالية السابقة.وفي الوقت الذي تحاول فيه مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفاني وليامز، الحصول على تأييد لمبادرتها القاضية بتعجيل الانتخابات الرئاسية، استضافت القاهرة لقاءً رسمياً معلناً بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، بينما جرت، في مصر أيضاً، زيارات ولقاءات غير معلَنة لعدّة شخصيات من بينها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ورئيس البرلمان عقيلة صالح، بالإضافة إلى رئيس الحكومة المكلف، فتحي باشاغا، الذي لم يتمكّن بعد من دخول طرابلس وممارسة مهامّه كرئيس حكومة فعلي. وعلى النقيض من ذلك، تتحفّظ القاهرة على استقبال رئيس الحكومة المُقال، عبد الحميد الدبيبة، الذي يرفض الاعتراف بشرعية باشاغا، خصوصاً أن البعثة الأممية لم تُظهر انحيازاً إلى أيّ من الحكومتَين.
تزايد الاهتمام الدولي بضمان تدفّق إمدادات النفط وتوحيد البنك المركزي


في المقابل، يعمل باشاغا على تحييد الأطراف الرافضة لحكومته، وهو ما نجح في جانب منه خلال الأيام الماضية، سواء على مستوى القبائل والعشائر والجماعات المسلّحة، أو حتى على مستوى بعض الجهات الدولية، وفي مقدّمتها تركيا التي يسعى لزيارتها قريباً. ويتسلّح الرئيس المكلّف أيضاً بدعم البرلمان وأطراف عديدة، رافضاً في الوقت نفسه فكرة اللجوء إلى السلاح لدخول العاصمة، بينما يضع البرلمان شرطاً للاستجابة للمقترحات الأممية، متمثّلاً في ضرورة تمكين حكومة باشاغا أولاً، قبل أيّ مفاوضات على تعديل الجدول الزمني الذي ينصّ على إجراء الانتخابات في النصف الثاني من عام 2023. وعلى رغم أن باشاغا يحظى بدعم من مصر والسعودية والإمارات، تجري محاولة استخدامه لاستدراج دعم مماثل من أطراف أوروبية على رأسها فرنسا، إلّا أن الاهتمام الدولي يبدو متركّزاً على جوانب ليست من بينها هوية المُمسك بالسلطة، أو حتى خارطة الطريق التي يُفترض أن تؤدّي إلى انتخاب رئيس سيكون الأوّل منذ سقوط نظام معمر القذافي، إنّما مرتبطة بنقطتَين هامّتَين: الأولى التأكّد من تدفّق إمدادات النفط من دون مشاكل، والثانية توحيد المصرف المركزي.