رام الله | لا تحمل زيارة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، لرام الله وتل أبيب، أيّ تغيير في سلوك الإدارة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية، حيث لا يزال الملفّ السياسي خارج دائرة اهتمامات الرئيس جون بايدن، الذي يرغب فقط في إرساء الهدوء على أساس الوضع القائم. وأظهرت زيارة بلينكن لرام الله، في وقت متأخّر من مساء الأحد، بحسب مصادر في قيادة السلطة الفلسطينية، تحدّثت إلى «الأخبار»، «استمرار الإدارة الأميركية في سياستها الهادفة لمنع انهيار السلطة وتعزيزها أمنياً واقتصادياً، من دون الحديث في الملفّ السياسي، إذ أبلغ بلينكن، رئيس السلطة محمود عباس، باستمرار الدعم الأميركي الذي استؤنف العام الماضي، مع الطلب إليه مواصلة السلطة جهودها الأمنية إلى جانب قوات الاحتلال في الضفة». وعلى رغم تجديد عباس طلب تفعيل الملف السياسي، والدفع في اتّجاه مفاوضات مباشرة إسرائيلية - فلسطينية، إلّا أن الوزير الأميركي اكتفى بالوعد بأن إدارته ستعمل على ذلك خلال الفترة المقبلة، من دون تحديد موعد، بعد التشاور مع حكومة نفتالي بينت. وعزا بلينكن التأخير في إطلاق مبادرات لتحريك الوضع السياسي في الأراضي الفلسطينية، إلى الخلافات الكبيرة في الرؤى بين الفلسطينيين والحكومة الإسرائيلية خلال الفترة الحالية. ومع أن عباس ألحّ على ضرورة البدء بخطوات تبثّ أملاً بعودة المسار التفاوضي، غير أن الوزير الأميركي أعاد التأكيد أن تقوية السلطة في الجانبَين السياسي والأمني هي الأولوية خلال الفترة الحالية، داعياً إلى «إجراء إصلاحات، والاستمرار في الحوكمة بما يقلّص فرص إهدار الأموال وإضعاف الاقتصاد». وكما في جميع اللقاءات الأخيرة، جدّد بلينكن «الالتزام المستمرّ بمبدأ حلّ الدولتين»، قائلاً إن «الشعبَين الفلسطيني والإسرائيلي يستحقّان أن يعيشا بالقدْر نفسه من الحرية والفُرص والكرامة والعيش الجيّد، ونحن نؤمن أن أفضل طريق لترجمة ذلك هو وجود الدولتين، لكنّ الطرفين مختلفان بصورة كبيرة في مواقفهما حالياً حول ذلك». وأضاف: «سنستمرّ في عملنا خطوة بخطوة لتقريب وجهات النظر بين الجانبين، وسنعمل على الحيلولة دون اتخاذ أيّ طرف أيّ إجراء يؤدّي إلى رفع مستوى التوتر، وهذا يشمل توسيع الاستيطان، وأيضاً الاستيطان الذي ينخرط فيه مستوطنون، وطرد الناس من منازلهم، وهدم المنازل».
أبلغ بلينكن عباس التزام واشنطن بإعادة بناء علاقاتها مع السلطة الفلسطينية


من جهة أخرى، أبلغ بلينكن عباس التزام واشنطن بإعادة بناء علاقاتها مع السلطة الفلسطينية، بعد انقطاعها في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، لافتاً إلى «(أننا) ركّزنا جهدنا وأعمالنا خلال الفترة الأخيرة على إيجاد سبل ملموسة لتحسين جودة ونوعية الحياة للفلسطينيين، بما يشمل إعادة دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، وتقديم نصف مليار دولار من المساعدات الإنسانية في العام الماضي». وأشار إلى أنه «تمّ تقديم الدعم المالي والاقتصادي للقطاع الخاص والأعمال الصغيرة، وتقديم الدعم للأسر الفقيرة في الضفة الغربية وقطاع غزة»، متابعاً أن «هذا الدعم ليس اقتصادياً فقط، بل يركّز على الحقوق المدنية للفلسطينيين وحقوق الإنسان ودعم المجتمع المدني»، كاشفاً أنه أجرى اجتماعاً فور وصوله إلى مدينة القدس، مع قادة المجتمع المدني الفلسطيني، وتباحث معهم في «الدعم الذي تقدّمه واشنطن للفلسطينيين».
بالنتيجة، وفق تقييم الإدارة الأميركية، فإن الأمر المطلوب من السلطة خلال الفترة الحالية، يتمثّل في ضمان أن يمرّ شهر رمضان والأعياد اليهودية بسلام من دون تفجير للأوضاع. وفي هذا الإطار، تعوّل واشنطن على جهود رام الله لمنع العمليات الفدائية في مناطق الضفة، وزيادة «التنسيق الأمني» مع تل أبيب. وبحسب المصادر الفلسطينية، فقد جدّد عباس، الذي حضر معه اجتماعه ببلينكن عدد من قيادات السلطة، تعهّداته الأمنية للإدارة الأميركية، آملاً في أن تكون هناك حلحلة في الملفّ السياسي خلال الفترة المقبلة، داعياً إلى «تطبيق ما تؤمن به إدارة بايدن، من التزامها بحلّ الدولتين ووقف الاستيطان وعنف المستوطنين، والحفاظ على الوضع التاريخي في الأقصى، ومنع الأعمال الأحادية الجانب، وكذلك إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس، وإلغاء القوانين الأميركية التي تَعتبر منظّمة التحرير الفلسطينية إرهابية وتشجّع على التحريض».