احتاج التوافُق على النسخة السابعة من اجتماعات «اللجنة الدستورية» أكثر من 4 أشهر، أجرى خلالها المبعوث الأممي، غير بيدرسون، محادثات مع المسؤولين في دمشق وقادة المعارضة، إضافة إلى أخرى شملت روسيا وإيران وتركيا ومصر والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وأثمرت هذه التحضيرات الاتفاق على جدول الأعمال الذي أقرّه الرئيسان المشتركان للجنة، هادي البحرة (عن المعارضة) وأحمد الكزبري (عن الحكومة)، في اجتماعهما الأخير الذي سبق بيوم واحد انطلاق الاجتماعات رسمياً. وبدأت الجلسات، مطلع الأسبوع، بحضور بيدرسون الذي يَبحث عن تحقيق أي تقدّم في مسار «الدستورية»، في ظلّ مراوحة الملفّ السياسي السوري مكانه لفترة طويلة، ومخاطر وقوعه تحت وطأة تأثيرات الأزمات الدولية، وعلى رأسها الحرب في أوكرانيا.ومنذ اليوم الأول، بدت واضحة الخشية من تلك التأثيرات، والحرص على منع خروج الأمور عن مسارها. ولهذا، تمّ ضبط المداخلات بشكل دقيق نسبياً، حتى لا تتسبّب بأيّ تصعيد بين الأطراف السورية، الغارقة في الانقسام. حتى إن أحد أعضاء اللجنة المشاركين في الاجتماع وصف، خلال حديثه إلى الأخبار، مداخلات اليومَين الأوّل والثاني بأنها «مهذّبة»، وتُحاول البقاء ضمن الموضوع الأساسي، فيما بدت بعض الأطراف الدولية المعنيّة غائبة عن المشهد، في ظلّ انشغالها بالأزمة الروسية - الأوكرانية، ولذا لم تُعقد أيّ اجتماعات بينها وبين الأعضاء كما جرت العادة في الجلسات السابقة. أمّا بخصوص تداعيات الاستقالات الأخيرة من «الدستورية» على عملها، فـ«المسار ماضٍ بمِنَ حضر»، وفق ما يؤكد 3 أعضاء تواصلت معهم «الأخبار». وكان العضو الممثّل عن المعارضة، يحيى العريضي، تقدّم باستقالته عشيّة الاجتماع، طارحاً مبرّرات وُصفت بالغريبة؛ حيث عدّ عميد كلية الإعلام سابقاً والمتحدّث حالياً باسم «هيئة التفاوض» المعارِضة، قراره احتجاجاً على مبادرة «الخطوة مقابل خطوة» التي طرحها بيدرسون قبل عدّة أشهر، علماً أن الجلسات لم تتطرّق إلى هذه المبادرة، بحسب معلومات «الأخبار»، والتي تؤكد أن ثمّة إجماعاً على أنه «لا محلّ لها في هذه العملية، ومسارها بعيد عن الدستورية». وسجّلت الاجتماعات، أيضاً، غياب 6 أعضاء، بينهم سيدة من قائمة المجتمع المدني، وهو ما يعود إلى أسباب شخصية طارئة. أمّا الـ5 الباقون، الذين يمثّلون المعارضة، فأوضح أحد أعضاء اللجنة من الوفد نفسه، لـ«الأخبار»، أن غياب بعضهم يعود إلى خلافات داخل كتلهم خصوصاً منهم الغائبين من منصّتَي موسكو والقاهرة، بينما هناك غيابات لأسباب مرضية وشخصية مؤقّتة.
وبخصوص آلية العمل، فهي لم تختلف عن الجولة السابقة؛ إذ جرى توزيع الأيام على 3 أوراق عمل، أولاها للمعارضة التي قدّمتها الإثنين، وتركّزت حول «أساسيات الحكم»، ومن ضمنها النظام الجمهوري وسيادة الشعب والتعدّدية السياسية وحق تشكيل الأحزاب، وثانيتها للمجتمع المدني التي حملها معهم القادمون من دمشق، وطرحوها الثلاثاء، مركّزين فيها على «الهُوية الوطنية»، في حين كانت الوفود الأخرى تُقدّم تعليقاتها المباشرة على كلّ ورقة في اليوم الذي تُطرح فيه، على أن تعود وتُسلّم ردوداً مكتوبة في اليوم الأخير. وإذ يبدو مسار عمل اللجنة بطيئاً إلى الآن، فإن تركيزها ينصبّ على «بناء الثقة»، فيما يطمح المشاركون فيها إلى أن تكون هذه الجولة أفضل من سابقاتها، عبر خلق قنوات تواصل مستمرّة بين الأعضاء، خصوصاً أن اتّصالاتهم خارج الجلسات الرسمية لا تزال في الحدود الدنيا، وتقتصر على التحيّات المتبادلة والابتسامات الخجولة.