السويداء | بعد فترة هدوء عاشتها محافظة السويداء إثر موجة الاحتجاجات التي شهدتها أخيراً، عاد التوتّر إلى المشهد من جديد مع تحرّك فصيل «قوات الفهد»، بشكل مفاجئ، ليل الخميس الماضي، في مدينة القنوات ليسيطر على إحدى النقاط التي تنتشر فيها قوات «الدفاع الوطني» في المحافظة، ويعقب ذلك قطعٌ للطرقات الواصلة إلى المدينة، وإقامة للحواجز عند مداخلها. وليل السبت، اعترض عناصر من الفصيل المذكور طريق دورية أمنية سورية بالقرب من القنوات، ليتدخّل سكّان قرية مفعلة على إثر هذا الاعتراض من أجل حماية الدورية، ما دفع المهاجِمين إلى تهديد السكان وإطلاق النار في الهواء لترهيبهم، إلا أن تدخّل «مشيخة العقل» في المحافظة أنهى التوتر، وأجبر مسلّحي «الفهد» على الانسحاب. وسبق تلك الحادثة بيوم واحد قيامُ مسلّحين من الفصيل عينه بالاعتداء على أحد قيادات «الدفاع الوطني» وتهديده بالقتل، بعد زيارته رئيس الطائفة الروحي، حكمت الهجري، بهدف إيجاد حلّ لممارسات «الفهد» الأخيرة، ومحاولة تهدئة الأجواء في السويداء، ومنع الانجرار إلى معركة.
لا تبدو تحرّكات «قوات الفهد» الجديدة ذات صلة بالاحتجاجات المطلبية

وبحسب مصادر مطّلعة تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن تحرّكات «قوات الفهد» الجديدة لا صلة لها بالاحتجاجات ذات الطابع المعيشي، خاصة وأن الفصيل أعلن في بيان تُلي في احتجاج لم يشارك فيه إلّا عدد محدود في بلدة المزرعة، قبل أسبوع، مواقف عدائية ضدّ الدولة، من دون الإشارة إلى أيّ مطلب معيشي. وتلفت المصادر إلى أنّ تسليح «الفهد» وغيره من الفصائل يتمّ تهريباً من الأراضي الأردنية، عبر طرق تصل إلى جنوب السويداء، وذلك بدعم مالي يصل من خلال الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في فلسطين، موفق طريف. والجدير ذكره، هنا، أن «الفهد» فصيل منشقّ أساساً عن «حركة رجال الكرامة»، التي أسّسها وحيد البلعوس، قبل مقتله في عام 2015، ويقوده سليم الحميد، المتّهم أساساً بعمليات خطف وقتل شبان من السويداء نفسها. وتقول مصادر أهلية، «الأخبار»، إن عناصر الفصيل تزعم أن تحرّكاتها الأخيرة تأتي ردّاً على محاولة تصفية الحميد، بعد تعرّضه لإطلاق نار استهدفه أثناء قيادته سيارته بالقرب من مدينة القنوات، قبل أسبوع، إلّا أن الأمر يبدو مجرّد ذريعة للتغطية على أهداف التحرّك المتّسق، على ما يَظهر، مع محاولات الاستثمار المستمرّة في ملفّ المحافظة الجنوبية للزجّ بها ضمن خارطة الحرب أو الفدرلة.
وليست الفصائل المنتشرة في «مخيم الركبان»، والتي توالي قوات الاحتلال الأميركي المتمركزة في التنف، بعيدة من المشهد؛ إذ إن التعامل معها بات أمراً معلَناً من قِبَل بعض فصائل السويداء، مثل «قوة مكافحة الإرهاب» التي تَعتبر نفسها جناحاً عسكرياً لـ«حزب اللواء». وعلى الرغم من أن الأخير ما زال نشاطه محدوداً، ويكاد يكون معدوم التأثير السياسي، ولا يتواجد على الأرض إلّا من خلال الفصيل العسكري الذي كان قائماً أصلاً في الريف الشرقي للمحافظة قبل إعلان تشكّل «اللواء»، إلا أن هذا الجناح العسكري يقوم منذ فترة شهر تقريباً بنقل الأسلحة من «مخيم الركبان»، الواقع أقصى الجنوب الشرقي للأراضي السورية، ويعمل بتهريب المواد الأساسية والمخدرات من وإلى المخيم، الذي يسيطر عليه فصيل «جيش مغاوير الثورة».