بغداد | مرّة جديدة، يغتنم التحالف الثلاثي في العراق، أو ما يسمّى «تحالف الغالبية»، الفرصة للتفلّت من موجبات تشكيل حكومة توافق وطني تفرضها التوازنات في مجلس النواب والشارع، بهدف الاستفراد بالحكم، بل وللمزيد من الهجوم على إيران، متحجّجاً بالهجوم الأخير الذي استهدف قواعد سرّية لـ«الموساد» الإسرائيلي في أربيل، وذلك بعد أن وجد هذا التحالف نفسه محشوراً إثر الاقتراب من اتفاق على تشكيل الحكومة الجديدة، بما يخفّف من حدّة الأزمة السياسية في البلاد.وبلغ الأمر بأطراف الثُّلاثي حدّ إنكار أيّ تواجد إسرائيلي في أربيل، علماً بأن العلاقة بين العدو والقوى المسيطرة على إقليم كردستان قديمة ومعروفة للجميع، وكانت قد تُوّجت في أيلول الماضي باستضافة أربيل مؤتمراً للتطبيع مع العدو، شاركت فيه مئات الشخصيات. لكنّ الغريب أن يأتي الاستنكار من «التيار الصدري» المنضوي في إطار التحالف مع «الحزب الديموقراطي الكردستاني» و»السيادة»، بعدما دأب على طمأنة طهران إلى أن العراق لن يكون ضدّها في حال إمساك مقتدى الصدر بالسلطة، فإذا به يستخدم مفردات مِن مِثل «العدوان» لوصف الردّ الإيراني، الذي جاء انتقاماً لهجوم نفّذته مسيّرات إسرائيلية انطلقت على الأرجح من الموقع المستهدَف في أربيل، على منشأة في مدينة كرمنشاه الإيرانية في شباط الماضي.
مع ذلك، لا يزال «الإطار التنسيقي» يبدي رغبته في البناء على الانفراجة التي أسفرت عنها المكالمة الهاتفية بين زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، ورئيس «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي، لإكمال باقي الاستحقاقات الدستورية، من انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة. ويقول القيادي في «تحالف الفتح»، عائد الهلالي، لـ»الأخبار»، إن «العلاقة بين الإطار والتيار، تسير ضمن ما أسفرت عنه المكالمة الهاتفية، من انفراجة كبيرة جداً في أزمة الانسداد التي كانت حاصلة في الفترة الماضية، وهم الآن بصدد تحديد مسارات العملية السياسية وإكمال باقي الاستحقاقات الدستورية، وهناك لجان تعمل على وضع اللمسات الأخيرة على ذلك، بعد أن استشعر القادة خطورة التحدّيات الداخلية والإقليمية والدولية، وعليه فلا بدّ من مخرج لهذه الأزمة». وعمّا إذا كانت الأزمة الأوكرانية قد أعادت العراق إلى زمن التجاذبات الإقليمية والدولية، يلفت الهلالي إلى أن «العراق ليس الوحيد المعنيّ بحالة التجاذبات السياسية نتيجة الوضع الأوكراني أو الأوضاع الأخرى التي يمرّ بها العالم... بلا شكّ، هذه الأزمات لها تأثيراتها على الجميع، فهذا الوضع يصنع تحالفات جديدة، لا بل يمهّد لصناعة نظام عالمي جديد».
لا يزال «التنسيقي» يريد البناء على الانفراجة التي أسفرت عنها المكالمة الهاتفية بين الصدر والمالكي


في المقابل، يرى المحلّل السياسي، مجاشع التميمي، القريب من «التيار الصدري»، في حديث إلى «الأخبار»، أن «العراق الآن بلد ضعيف، والدولة لم تفرض هيبتها بسبب إرادة داخلية وخارجية، وهناك كتل وأحزاب وجماعات مسلحة أقوى من الدولة، وهي تريد دخول العراق في أحد المحاور. ومع أن الحكومة اختارت الحياد، فإن بعض الأطراف تريد جرّ البلاد إلى هذه الحرب التي لا طائل منها». أمّا بخصوص تأخير الاتفاق على تشكيل الحكومة، فيعتبر «أن الإطار التنسيقي كما يبدو تراجع، على رغم الترحيب الأوّلي بمبادرة التيار، وكذلك يبدو أن الاعتداءات على أربيل ستؤخّر الاتفاق، وربّما هناك تدخّل خارجي أعاق الوصول إلى التسوية»، مضيفاً أن «الكرة الآن عموماً في ملعب التنسيقي، والكلّ ينتظر». وعن موقف الصدر المتشدّد من هجوم أربيل، يجيب التميمي بأن «موقف السيد الصدر هو موقف الرجل المسؤول والوطني... من الطبيعي أن يكون منزعجاً لما حصل، لأن أربيل هي أرض عراقية وتبرير العدوان بحجج وجود الموساد غير معقول. لكن القرارات الإقليمية والدولية هي التي جعلت العراق الأضعف في المنطقة، ولهذا استهدفته طهران».