طرابلس | يسعى رئيس الوزراء الليبي الجديد، فتحي باشاغا، لدخول هادئ إلى العاصمة طرابلس، لممارسة مهامّه رسمياً من مقرّ الحكومة الذي لا يزال خاضعاً لرئيس الوزراء السابق، عبد الحميد الدبيبة، الرافض للاعتراف بالتشكيلة الجديدة المعتمَدة من مجلس النواب. ويأمل باشاغا، الذي يحظى بدعم عربي واضح من أطراف مؤثّرة بالإضافة إلى توافق أوروبي - أميركي، بالتعامل معه كرئيس حكومة مؤقّتة تمهد للانتخابات، وكسب التأييد الداخلي، والحصول على دعم مناصري الدبيبة في المناطق الليبية المختلفة. وفي هذا السبيل، بدأ جولة في مدن عدّة تستهدف سحب بساط الشرعية من تحت الدبيبة، من خلال التواصل مع الجماعات المسلّحة المختلفة، وإغداق الوعود التي تتناسب مع كلّ منها، بما فيها تلك الفاعلة في مصراتة، مسقط رأس الرجلين. وتنقل مصادر لـ"الأخبار"، أن باشاغا يتعهّد في أحاديثه بأن لا يتسلّم السلطة بالعنف، بل "وفق المسار الديمقراطي وبشكل سلس". كما يبدي عدم معارضته ترشّح الدبيبة للانتخابات، لافتاً إلى أن الفصل في هذا الأمر عائد إلى مفوضية الانتخابات. ويَعِد باشاغا، أيضاً، بتحسين حياة الليبيين خلال عام ونصف عام، بالإضافة إلى معالجة التوتّرات والمشاكل بين الجماعات المسلّحة، عبر منح بعضها امتيازات، والتوافق مع بعضها الآخر على تقنين حمل السلاح والانخراط في القوات النظامية. ويُطمئن رئيس الوزراء الجديد، بحسب المصادر، إلى أنه "سينتهج سياسة مساواة، وسيعطي الأولوية للكفاءة، مع فتح باب مكتبه أمام الجميع"، متعهّداً بـ"طيّ صفحة الماضي التي حملت خلافات مسلّحة خلال فترة تولّيه منصب وزير الداخلية في حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج"، مؤكداً أنه "اليوم يتعامل كرئيس حكومة لكلّ الليبيين". ويحاول باشاغا، على ما يبدو، محو آثار مواقفه السابقة التي ظهرت أكثر توتّراً، بما فيها عندما تحدّث عن دفع أموال لجماعات مسلّحة من أجل استهداف الوزراء في الحكومة، قبل أدائهم اليمين أمام البرلمان خلال زيارتهم مصراتة.وليست تحرّكات رئيس الوزراء هي الوحيدة على الأرض، بل تتزامن مع تحرّكات أخرى يقوم بها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ورئيس البرلمان عقيلة صالح، بعدما ضَمِن هذان عدم الدخول في أيّ خلافات مع باشاغا، الذي قدّم تعهّدات بالعمل معهما خلال قيادته المرحلة الانتقالية. ويعمل صالح، خلال الفترة الحالية، على تأمين تسليم السلطة بهدوء، في وقت تحاول فيه مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الليبية، ستيفاني وليامز، تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف. وكان ظهر واضحاً تخلّي وليامز عن دعم الدبيبة الذي وجّه إليها انتقادات حادّة، في ظلّ تواصلها مع جميع خصومه والتصريحات الإيجابية الصادرة عنها بعد لقائهم، في حين لا يزال هو يرى نفسه رئيساً للحكومة حتى إجراء الانتخابات في الصيف المقبل. وعلى رغم وجود خلافات سواءً داخل مجلس النواب أو في جهات أخرى، بسبب الموقف من الدبيبة وحكومته التي استقال منها وزيران استجابة منهما لقرار البرلمان، تأمل وليامز في التوافق على القاعدة الدستورية والترتيبات التي ستُجرى على أساسها الانتخابات قبل نهاية الشهر المقبل. وفي هذا الإطار، اقترحت المسؤولة الأممية اختيار 12 عضواً من مجلس النواب و"المجلس الأعلى للدولة" مناصفةً، من أجل الاتفاق خلال أسبوعين على هذه القواعد واعتمادها، بينما ترفض اتّخاذ موقف معلَن من حكومة باشاغا التي أصبحت تدعمها ضمناً.