دمشق | صدر عن مُنظّمي الاحتجاجات التي خرجت في محافظة السويداء، يوم الجمعة الماضي، بيان وضَع أمام الحكومة السورية مجموعة من المطالب، على رأسها «دولة مدنية عادلة من دون تمييز حزبي أو طائفي أو عرقي ومن دون احتكار للسلطة، دولة قانون ومؤسسات لا دولة فساد واستبداد»، إضافة إلى عناوين أخرى غير ذات صلة بالسبب الرئيس للاحتجاجات، والمتمثّل في استبعاد شرائح من المواطنين من دائرة الدعم، من قبيل «إطلاق سراح المعتقلين، ومحاربة الفساد ومحاسبة المسؤولين عنه». لكن البيان تضمّن أيضاً مطالب اقتصادية من بينها «إلغاء البطاقة الذكية، إلغاء الرسوم الجمركية، إلغاء الموافقات الأمنية للبيوع العقارية، ودعم المزارعين وتمكينهم من استثمار أراضيهم». وجاء إصدار هذا البيان بعد أيام من تداول موقف لرئيس طائفة الموحّدين الدروز في سوريا، الشيخ حكمت الهجري، يعلن فيه تأييده للاحتجاجات، وهو ما جرى استثماره من قِبَل المعارضة من أجل تسعير الموقف، من دون أن ينعكس ذلك ازدياداً في وتيرة التحرّكات.في غضون ذلك، أعلنت ما تُسمّى «لجنة التواصل الدرزية لعرب 48» نيّتها تسيير قافلة من المساعدات الإنسانية العاجلة إلى السويداء، مشيرة إلى أن القافلة تتكوّن من 70 طنّاً من المواد الغذائية التي جُمعت من دروز الخليل والكرمل، عبر حملة أدارها الشيخ علي معدي، مع مجموعة من رجال الدين والناشطين ضمن ما يسمّونه «مشروع التواصل العربي». وبحسب المُعلن، فإن خطّ عبور هذه القافلة سيكون من معبر القنيطرة، الذي يربط بين جزءَي هضبة الجولان، المحرّر والمحتل. ووفق اللجنة، فإن القافلة ستتحرّك اليوم الاثنين بمساعدة من الأمم المتحدة، من دون أن تعلن عن وجود موافقة من الحكومة السورية والحكومة الإسرائيلية، علماً أن الموافقات الرسمية ضرورية لعبور مثل هذه القافلة، ولا يكفي موقف الأمم المتحدة لإتمام الأمر.
لم تتلقّ دمشق طلباً من أيّ جهة أممية لدخول مثل هذه القافلة حتى صباح أمس


وتقول مصادر مطّلعة، لـ«الأخبار»، إن دمشق لم تتلقّ طلباً من أيّ جهة أممية لدخول مثل هذه القافلة حتى صباح يوم أمس الأحد، مضيفاً أن الحكومة السورية لن توافق على دخولها أيّاً كانت المبرّرات، لكونها تتجاوز الادّعاءات الإنسانية، إضافة إلى كونها قادمة من جهة غير موثوقة بالمطلق، وهي الأراضي المحتلة. في المقابل، تشير المعطيات إلى أن الحكومة الإسرائيلية قد توافق على نقل تلك المساعدات، بطلب من رئيس طائفة الموحِّدين الدروز في فلسطين المحتلة، موفق طريف، لكن ذلك قد يتمّ من خلال الأراضي الأردنية، وعن طريق عمليات تهريب لا دخول نظامي إلى الأراضي السورية. وكان طريف، طرح خلال زيارته الأخيرة إلى روسيا فتح معبر مباشر يربط محافظة السويداء بالأراضي الأردنية لتقديم مساعدات إغاثية ودعم مشاريع اقتصادية.
على خطّ موازٍ، أعلنت «قوة مكافحة الإرهاب»، التي قدّمت نفسها سابقاً على أنها الذراع العسكرية لـ«حزب اللواء» المعارض للحكومة السورية، عن تسليمها أحد الأشخاص لـ«فرع التحقيق» التابع لفصيل «جيش مغاوير الثورة» الموالي لقوات الاحتلال الأميركي. وهي خطوة تأتي في إطار التنسيق ما بين الطرفين، والذي سيأخذ منحى أكثر وضوحاً خلال المرحلة المقبلة، في محاولة من واشنطن لتوريط جهات مسلّحة في السويداء في العمل لصالحها، بما يخلق لها موطئ قدم في المحافظة التي ظلّت طيلة السنوات السابقة خارج خريطة الحرب، إلّا في مناسبات محدودة. عملية التسليم التي تمّت بزعم أن المختطف «ج.حمزة» من مروّجي المخدرات تجاوزت مطالب «آل حمزة» بتسليم ابنهم لمشايخ العقل أو الجهات القضائية السورية. ومن دون وجود مبرر لمثل هذه العملية، جاء التسليم ليكون بمثابة إعلان رسمي عن إطلاق التنسيق المباشر من قِبَل «حزب اللواء» وذراعه العسكرية مع قوات الاحتلال الأميركي، الأمر الذي سيشكّل التحدّي الأمني الجديد للسويداء، والذي قد لا يقوى مشايخ العقل على احتوائه.