لا تزال الحكومة المصرية تصرّ على العمل بقانون الخدمة المدنية، رغم رفض مجلس النواب هذا القانون في جلسة الثاني عشر من الشهر الجاري، مع الإبقاء على آثاره، وذلك خلال جلسة عاصفة استمرت خمس ساعات، فيما تعتزم الحكومة استمرار العمل به حتى انتهاء صرف مرتبات شباط المقبل لموظفي الدولة.
والقانون الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد سريان الدستور ورفضه البرلمان، يحدد الترقيات والبدلات والعلاوات التي تضاف على مرتب الموظفين في مصر، والبالغ عددهم ستة ملايين يطبّق عليهم القانون.
تقول مصادر قانونية لـ«الأخبار» إن سريان القانون على مرتبات شهري كانون الثاني الجاري وشباط المقبل، هو إجراء تصيبه شبهة مخالفة دستورية، ولا سيما أن المادة 156 من الدستور تنص على أنه إذا «كان مجلس النواب غير قائم، يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين، على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يوماً من انعقاد المجلس الجديد، فإذا لم تعرض وتناقش أو إذا عرضت ولم يقرّها المجلس، زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون، من دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك... إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في المدة السابقة، أو تسوية ما ترتّب عليها من آثار».
في المقابل، قررت الحكومة الاستمرار في تطبيق القانون بحجة أنه لم ينشر عكس ذلك في الجريدة الرسمية، فيما تؤكد المادة المذكورة أن أي رفض للقانون يزول بأثر رجعي، من دون الحاجة إلى إصدار قرار بذلك.
وكان السيسي قد عاتب البرلمان ضمنياً على رفضه للقانون، في خطابه خلال عيد الشرطة (صباح 25 كانون الثاني)، وهو ما دفع نواب المجلس إلى إجراء مباحثات عدة مع رئيس البرلمان للتسريع في التعديلات المطلوبة، مع أن مصادر أخرى قالت لـ«الأخبار» إنها ستكون تعديلات طفيفة، حتى يجري إقرار القانون بشكله الجديد قبل مرتبات شهر آذار المقبل.
في غضون ذلك، قال وزير الدولة للشؤون القانونية وشؤون مجلس النواب، مجدي العجاتي، إن الحكومة تعمل على إعداد المشروع الجديد لقانون الخدمة المدنية، على أن يكون جاهزاً خلال أسبوع للعرض على مجلس النواب. وأوضح العجاتي أن لقاءه رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، هدفه الاستماع إلى أوجه اعتراض النواب على «الخدمة المدنية».
لكن النائب محمد فؤاد قال لـ«الأخبار» إن تطبيق رفض القانون سيكون رسمياً عقب التصديق على أسباب رفضه في الجلسة العامة المحددة في السابع من شباط المقبل، على أن ينتهي العمل بالقانون من هذا اليوم، موضحاً أن الأمين العام للبرلمان، أحمد سعد، شرح أن الأمر مرتبط بطبيعة الإجراءات التي تشترط تصديق النواب على أسباب الرفض.
وكشف فؤاد عن انتهاء حزب «الوفد» من مقترحين بشأن تعديل قانون الخدمة المدنية، يتضمنان تعديلاً كاملاً للائحته التنفيذية، وكذلك إعادة صياغة المصطلحات المطاطة التي تضمنتها، مشيراً إلى أن مقترح الحزب يتضمن أيضاً تعديلات في البابين 4 و5 الخاصين بالترقيات والعلاوات والانتداب والنقل.
وأضاف: «الحزب عقد اجتماعات نخبوية وجماهيرية منذ رفض القانون لاستطلاع الآراء بشأن تعديلات القانون»، مشيراً إلى أن اللقاءات تضمنت لقاءً مع عدد من القانونيين والمحاسبين من المتخصصين في النظام المحاسبي. ورداً على تعقيب الرئيس وما شهده خطابه الأخير من عتاب ضمني للبرلمان، قال فؤاد: «لا خلاف على حديث الرئيس الذي يهدف إلى الإصلاح. نحن مع استكمال قطار ومسيرة الإصلاح».
إلى ذلك، قال وزير التخطيط، أشرف العربي، إن الحكومة تترقب أسباب رفض مجلس النواب لقانون الخدمة المدنية وأهم المواد الخلافية، تمهيداً لدراستها في لجنة مشتركة بين الحكومة والمجلس، ثم إعادة القانون مرة أخرى إلى البرلمان لإقراره.