دمشق | لاقى الحراك المستمرّ لرياض حجاب على طريق الإعلان عن كيانه الجديد، انطلاقاً من العاصمة القطرية الدوحة، ردّ الفعل المتوقّع من «الائتلاف» المعارِض. إذ تكشِف مصادر معارضة تقيم في تركيا، لـ«الأخبار»، عن اتّساع الخلاف بين رئيس «الائتلاف» سالم المسلط، والرئيس الأسبق للحكومة السورية، بسبب نيّة الأخير الانفراد بقيادة المعارضة في الخارج، من خلال تشكيل جسم يجمع بين أطيافها المتعدّدة، وخاصة مَن جرى استبعادهم أو تهميشهم من الشخصيات التي كانت تمتلك تأثيراً، بطريقة أو بأخرى.
لا يزال مشروع رياض حجاب لإعادة هيكلة المعارضة السورية وجمع أطيافها معلّقاً في الهواء(أ ف ب )

وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن المسلط وفريقاً من الشخصيات الموثوقة بالنسبة إليه، تمكّنوا من تقديم شروحات وافية للمخابرات التركية حول ضرورة إبقاء المعارضة تحت الجناح التركي، من خلال الإبقاء على «الائتلاف» واجهة جامعة لِمَن يرغب، مع الترحيب بانضمام أيّ منصّة معارضة إليه، بما يضمن فشل «مشروع حجاب»، الذي يقوم على أسس قد تضرّ بالمصلحة التركية، لكونه يتخلّى عن قواعد جوهرية، مِن مِثل المطالبة بـ«إسقاط النظام». وعلى رغم أن مشروع حجاب يتضمّن مطالبة بتغيير جذري في شكل إدارة الدولة، بما يكفل حصّة كبيرة للمعارضة ضمن الحكومة، مع خفْض صلاحيات الرئاسة وتوسيع صلاحيات رئيس الحكومة، وهو ما يلقى قبولاً لدى السياسيين الوسطيين، إلّا أن المسلط يجد فيه تهديداً لوجود «الائتلاف».
إذ يَعتقد الأخير، الذي فشل في إدارة الملفّ السياسي بشكل مستقلّ، وعجز أيضاً عن إدارة المناطق التي تحتلّها القوات التركية، حيث ينعدم تأثيره على «الجيش الوطني»، أن تشكيل أيّ كيان معارض جديد سيعجّل بانهياره، وبالتالي خروج شخصياته من اللعبة السياسية. ومع أن حجاب تمكّن من إقناع وزير الخارجية التركية، مولود جاويش أوغلو، خلال لقائهما في الدوحة، بأهمية مشروعه المدعوم من قطر، لجمْع المعارضة وتقليص تأثير الدول الفاعلة في منصّاتها، إلّا أن "الائتلاف" يشكّك في قدرة حجاب على ذلك، وحتى في الرجل نفسه الذي لا يزال متّهماً بعدم الإيمان بـ«الثورة»، وبأن «انشقاقه» عن دمشق كان مدفوع الأجر.
يحاول حجاب أن يجعل من نفسه «الحالة الوسطيّة» التي لم تشهدها المعارضة منذ بداية الحرب


سيحمل المسلط، ومَن معه من أعضاء «الائتلاف»، كلّ ما يلزم من ملفّات التعطيل، خلال رحلتهم نحو قطر للمشاركة في المؤتمر الذي ينظّمه حجاب خلال الشهر الجاري، والذي سيتحوّل إلى «ندوة لنقاش الحلّ السياسي» وفقاً لوعدٍ تركي للمسلط، الذي كان قد التقى أخيراً رياض حجاب والرئيس الأسبق لـ«الائتلاف» معاذ الخطيب في الدوحة، من دون أن يثمر اللقاء عن أيّ نتيجة، على اعتبار أن كلّاً من الثلاثة يجد في نفسه القدرة الأكبر على إدارة «الصراع السياسي مع دمشق». وستحضر الندوةَ المدعومة من قطر قرابة 65 شخصية سياسية من منصّات معارِضة مختلفة، وسيكون أنس العبدة مرافقاً للمسلط كممثّلَين عن «الائتلاف»، كما ستحضر شخصيات مستبعَدة منذ مدّة مثل جورج صبرا. وفي حسابات حجاب، وفقاً لمصادر «الأخبار»، كسْب تأييد المنصّات المعارِضة ليكون قائداً لها، بما يُخرجها مع الشخصيات المستقلّة من دائرة التهميش. ولذا، يسعى الرجل إلى انتزاع موافقة كلّ من هيثم مناع وجهاد مقدسي على حضور مؤتمره، علّه يحصل على تأييدهما لمشروعه، بما يجعل منه «الحالة الوسطية» التي لم تشهدها المعارضة منذ بداية الحرب. لكن إن استمرّت مساعي المسلط لإحداث «انقلاب تركي على مشروع حجاب»، فإن الأخير يبقى متعلّقاً بالغصن القطري، وفي حساباته أن ما تريده الدوحة أهمّ لدى أنقرة ممّا يريده شخص مثل رئيس "الائتلاف".
يبقى «مشروع حجاب» رهن الأيام الأخيرة التي ستسبق انطلاق ندوته خلال الشهر الحالي، فيما يبدو واضحاً أن الدوحة تدْفع في اتّجاه إنجاحه، بهدف محاربة «التطبيع العربي» مع سوريا من جهة، والعودة إلى عرقلة الحلّ السياسي قدْر الإمكان لكونها خارج اللعبة حالياً، وإن كانت متحالفة بشكل وثيق مع تركيا، التي تجيد استغلال تدخّلها لتحقيق مكاسب من روسيا وأميركا.