طرابلس | يقترب وزير الداخلية السابق، فتحي باشاغا، من الحصول على تكليف مجلس النواب بتشكيل الحكومة الليبية المؤقّتة، التي ستكون مهمّتها التمهيد لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة، والمتوقّع إجراؤها قبل نهاية 2022، بحسب التصوّر المقترَح حالياً، والذي لا يزال تطبيقه يواجه عقبات عديدة. وجاء الاستقرار المبدئي على تولّي باشاغا رئاسة الحكومة، بعد تفاهم على ذلك بين أطراف ليبية مختلفة، في مقدّمتها رئيس البرلمان عقيلة صالح، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، خصمَا الرجل السابقين، في وقت بدأ فيه مجلس النواب تسلُّم ملفّات الراغبين في الترشُّح لرئاسة الحكومة حتى الأسبوع المقبل، حيث ستُخصَّص جلسة يوم الـ8 من شباط لاختيار رئيس جديد، على أن تسبقها بيوم جلسة استماع للمرشّحين، يستعرض خلالها هؤلاء برامجهم ورؤاهم للمرحلة الانتقالية.على أن تكليف باشاغا المتوقَّع الأسبوع القادم، لا يعني أن الرئيس العتيد سيكون قادراً على تشكيل الحكومة التي سيحتاج إلى مراعاة منطق المحاصصة فيها بين الأقاليم الليبية الثلاثة. كذلك، ثمّة ترقّب لموقف رئيس الحكومة الحالي، عبد الحميد الدبيبة، الذي يعمل بشكل منفصل عن البرلمان منذ فترة، ويرفض وصاية الأخير على العملية السياسية. لكن على عكس الخطوات المنفردة التي اتّخذها من قَبل، يسعى مجلس النواب اليوم لإضفاء الشرعية على جميع قراراته، عبر التشاور مع «المجلس الأعلى للدولة» في شأنها. كما أنه يسعى إلى تقويض صلاحيات المستشارة الأممية بشأن ليبيا، ستيفاني وليامز، بسبب معارضتها الواضحة لخطواته، ولا سيما في ظلّ تعمُّق الفجوة بين وليامز التي تطالب بالإسراع في إجراء العملية الانتخابية بدلاً من تشكيل حكومة جديدة، وبين البرلمان الساعي لإقالة الدبيبة بدعوى وجود قضايا فساد مرتبطة بحكومته. فبعْد تلويحها خلال الأيام الماضية بالعودة إلى «ملتقى الحوار السياسي» الذي أرسى النظام الحالي ليكون بديلاً عن مجلس النواب، تحرّك المجلس بمخاطبة وزارة الخارجية من أجل «اتّخاذ ما يلزم لضمان احترام سفراء الدول الأجنبية للقانون الليبي والأعراف الدبلوماسية»، في ما يستهدف على ما يبدو تصريحات وليامز التي يعتبرها البرلمان «عدائية» تجاه العملية السياسية، ولا سيما بعد المماطلة على مدار أكثر من شهر في رسم خريطة انتقالية.
يبدو أن «شرعية» الحكومة الجديدة ستكون مدار سجال سواءً مع المستشارة الأممية أو «المجتمع الدولي»


بناءً عليه، يبدو أن «شرعية» الحكومة الجديدة ستكون مدار سجال سواءً مع المستشارة الأممية أو «المجتمع الدولي»، وسط مخاوف من تجدُّد الاشتباكات المسلّحة، خصوصاً بين الميليشيات التي لا تزال تحمل أسلحة ثقيلة في طرابلس. في المقابل، لن يلقى باشاغا معارَضة تركية لتولّيه المنصب، في ظلّ سعْي البرلمان لتحسين العلاقات مع أنقرة، بينما سيَنتظر الدبيبة الموقف الدولي من حكومته، قبل حسمه وُجهة التعامل مع قرارات البرلمان. كذلك، سيكون باشاغا أوّل رئيس حكومة قادراً على التحرّك بين طرابلس وبنغازي، علماً أنه وافق مسبقاً على الشروط التي وُضعت لترؤّسه الحكومة، ومن بينها إقرار خطّي يضْمن عدم ترشّحه للانتخابات، التي يُتوقّع إجراؤها خلال فترة تُراوح بين 10 و12 شهراً، مع تشكيل لجنة لكتابة الدستور تتكوّن من 24 شخصاً يمثّلون جهات مختلفة. وفي ظلّ محدودية قدرة وليامز على دعم الدبيبة، فهي قد تتنازل بقبول تشكيل حكومة جديدة، لكنها ستشترط إنجاز الاستحقاق الانتخابي قبل نهاية العام الحالي، ووفق جدول زمني واضح وتكليفات محدّدة، وهو ما لن يمانع مجلس النواب الاستجابة لجزء كبير منه في جلساته المقبلة، بحسب ما أفادت به مصادر مطّلعة «الأخبار». وأوضحت المصادر أن المجلس لا يرغب في التصادم مع الدبلوماسيين الأجانب بأيّ شكل من الأشكال، تَجنُّباً لتكرار سيناريو تهميشه من المرحلة الانتقالية.