ريف دمشق | تتفاقم معاناة سكان مخيم اليرموك جنوب العاصمة يوماً بعد يوم، وتختلط فيها آثار الجانب العسكري من الحرب مع الشق الخدماتي منها. أهالي المخيم أطلقوا أمس صرختهم، رافضين دخول المساعدات بسبب النزاعات، وبشرط عودة المخيم إلى سابق عهده.
«يعتقد البعض أنه بمجرد وصول سلة غذائية إلى المخيم تكون معاناتنا قد انتهت. إلا أن الجميع هنا يختنق جراء النقص الحاد في كافة الوسائل الضرورية»، يروي ابن المخيّم عمر أبو الهيجا بحسرة. فمنذ بداية الاشتباكات في المخيّم يعاني سكانه انقطاعاً متواصلاً للتيار الكهربائي، عدا عن النقص في المواد الطبية اللازمة لمعالجة المصابين والمرضى. وتتفاقم الأزمة أكثر مع ارتفاع التوترات الناجمة عن طابع «العشوائية» الذي يكتسي عملية توزيع المساعدات، حيث شهد المخيم مشاكل وصلت في الكثير من الأحيان إلى وقف عملية التوزيع لأيام.
تدخل المعارضة المسلحة على الخط، وتتهم عناصر «الجبهة الشعبية ـــ القيادة العامة» بالفوضى الحاصلة. مصدر عسكري في «القيادة العامة» يرى أنّ «المشكلة تكمن في الأعداد الهائلة التي تتجمع في مكان ضيق جداً. البعض يلومنا على طريقة التنظيم، غير أنهم يتناسون أن من أجبرنا على الحشد في ذلك المكان الضيّق هم عناصر جبهة النصرة وغيرهم من الإرهابيين».
«المشكلة أكبر من ذلك»، يجزم الشاب خالد الخليل، ويضيف: «الغسيل على اليد، الطبخ على الحطب، الأدوية والغاز والبنزين والمازوت مواد منعدمة في الداخل، المدارس والمستشفيات متوقفة، لا ماء ولا كهرباء. وبعد كل ذلك يأتي من يطلب منك أن تكون صبوراً خلال سعيك للحصول على كرتونة الغذاء». لذلك، أطلق خالد مع مجموعة من الشباب داخل المخيم حملةً لرفض المساعدات، «فإما أن يرضخ الجميع لحل يرجع اليرموك إلى سابق عهده، وإما لن نقبل أن نهان من الطرفين من أجل القليل من خضر لا تكفي لأيام».
وبناءً على ذلك، تناقل سكان المخيم بياناً مطبوعاً جرى توزيعه صباح أمس في الشارع الرئيسي للمخيم، وسرعان ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي. وأعلن البيان: «الامتناع عن تسلّم المساعدات الغذائية، إلى حين التطبيق العملي لبنود مبادرة تحييد المخيم عن المعارك، وفتح معبر المخيم، وعودة الأهالي المهجرين». إلى ذلك، ينتظر سكان اليرموك حلاً لأزمتهم قبل شهر رمضان، حيث يتوقع السكان أن تزداد المعاناة والتوتر في ظل اضطرار الآلاف داخل المخيم إلى التعايش مع الحالة المتردية، من اشتباكات وقلة موارد، خلال صيامهم.