يستمرّ، منذ يوم الجمعة الماضي، انقطاع خدمة الإنترنت عن جميع المحافظات اليمنية (باستثناء عدن)، بفعْل استهداف طيران التحالف السعودي - الإماراتي، مركز الاتصالات الرئيس في مدينة الحديدة. وأكدت منظمة «نت بلوكس» المهتمّة بأمن شبكات الإنترنت في العالم، و»مركز التحليل التطبيقي لبيانات الإنترنت» (مقرّه سان دييغو)، وشركة الإنترنت «CloudFlare» (مقرّها سان فرانسيسكو)، وقوع هذا الانقطاع، في أعقاب غارات جوّية استهدفت البُنى التحتية التابعة لشركة «تيليمن» الحكومية في مدينة الحديدة، التي يَنقل كابل «فالكون»، الممتدّ تحت البحر، عبر مينائها، الإنترنت إلى جميع أنحاء اليمن. وأدّى انقطاع هذه الخدمة إلى تعطُّل مصالح ملايين اليمنيين، وإيقاع خسائر كبيرة في مختلف القطاعات الاقتصادية، وتوقُّف المعاملات المصرفية في البنوك وشركات الصرافة، فضلاً عن تسبّبه بتعذُّر صدور معظم الصحف الرسمية والخاصة، وشلّ منصات التواصل الاجتماعي، وهو ما يؤكّد حديث صنعاء عن أن أحد أهداف هذا الاعتداء، إنّما هو عزل اليمن عن العالم، حتى يتمّ الاستفراد به من دون ضجيج، من قِبَل «عدوّ جبان وعديم الأخلاق»، مثلما وصفه المتحدّث باسم «أنصار الله»، محمد عبد السلام.على أن الموجة الجديدة من الاعتداءات على شبكات الاتصالات اليمنية، لم تبدأ مع الردّ الانتقامي السعودي - الإماراتي على عملية «إعصار اليمن»، بل سبقت هذه العملية بأيّام، بسلسلة اعتداءات في خمس محافظات يمنية، أدّت إلى حرمان عشرات الآلاف من المواطنين من خدمات الاتصالات. وبحسب مصادر محلّية في محافظتَي عمران وحجة، فقد تعرّضت شبكات منطقة العبدين جنوب مدينة صعدة، قبل حوالى أسبوعين، للتدمير من قِبَل طيران العدوان، الذي شنّ غارات على أبراج الاتّصالات الخلوية والثابتة، أدّت إلى خروج المحطّة عن الخدمة. وفي اليوم نفسه، استهدف الطيران شبكات مناطق سحار وحيدان الواقعة في نطاق محافظة صعدة، بعدما كان ضرَب نظيراتها في عدد من المديريات الحدودية مع السعودية، كالصفراء ومنبه، ما تسبّب بعزل تلك المديريات عن معظم مناطق البلاد. كذلك، استُهدفت أبراج الاتصالات في عدد من مناطق محافظة عمران، وتحديداً بني غثيمة في مديرية بني صريم، وجبل صبيح في مديرية خَمِر، وقرن الأعجم في مديرية رَيدة، فضلاً عن منطقة برط في محافظة الجوف.
الموجة الجديدة من الاعتداءات على شبكات الاتصالات اليمنية سبقت عملية «إعصار اليمن»


وفي تعليقها على تلك التطوّرات، رأت «المؤسّسة العامة للاتصالات» في صنعاء أن الهدف من الاعتداءات المذكورة «إعاقة المؤسّسة عن القيام بدورها في تقديم الخدمات لكلّ المواطنين، وحرمان اليمنيين من حقّهم في الحصول على الخدمات الأساسية»، مُذكِّرة بأن «هذا العدوان لم يتوقّف منذ عام 2015»، «الأمر الذي تسبّب في حدوث دمار شامل وأضرار بالغة للمواقع المستهدَفة، وانقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت وخروجها عن الجاهزية في مناطق واسعة»، معتبرةً ذلك من «جرائم الحرب التي لا تسقط بالتقادم». يُذكر أنه سبق انطلاقَ الجولة الأخيرة من هذه العمليات، إعلانُ حكومة الإنقاذ تدشين تقنية الجيل الرابع من خدمات الإنترنت «4G»، وهو ما تَعدّه صنعاء سبباً لـ»ردّة الفعل الهستيرية» التي أقدم عليها «التحالف»، إذ قال عضو «المجلس السياسي الأعلى» في صنعاء، محمد علي الحوثي، في تغريدة على «تويتر»، إن «الانتصار الذي حقّقه قطاع الاتصالات في اليمن بتدشين خدمة 4G أغضب العدو، فقصف شبكات الاتصالات، في حين يمنع تركيب المحطات في المحافظات المحتلة، ويستمر بحجزها في حضرموت».
وكانت عملية استهداف الأبراج وشبكات الاتصالات التابعة لحكومة صنعاء، بدأت منذ مطلع الشهر الماضي، بتدمير الأبراج الواقعة في منطقة المحجر في مديرية همدان غرب صنعاء، وشبكات أخرى واقعة جنوب العاصمة في مديرية سنحان. وفي محيط مدينة الرجم في محافظة المحويت، أدّى ضرب إحدى الشبكات إلى ارتكاب مجزرة بحقّ أسرة فقيرة تسكن أحد المنازل العشوائية الواقعة هناك، راح ضحيّتها عدد من الشهداء والجرحى، ومنهم أطفال عُثر عليهم تحت الأنقاض منتصف الشهر الفائت.