يتّضح يوماً بعد يوم أنّ «الحرب الأهلية الجهادية» بين تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» من جهة ونظرائه في «جبهة النصرة» و«الجبهة الاسلامية» من جهة أخرى قد وصلت الى نقطة اللاعودة. ويبدو أن هذه الحرب شديدة التمسك بكلّ من شارك فيها، حتى ولو قرر الانسحاب منها. هذا ما أوحت به الأحداث التي وقعت أمس في بلدة خشام (ريف دير الزور الشرقي).
البلدة كانت قد شهدت عقد اتفاق قضى بتحييدها عن المعارك، وتولّي «تجمع كتائب عبدالله بن الزبير» مسؤولية الأمن فيها. وسرت أنباء إبان عقد الاتفاق مفادُها أنه عُقد بين «داعش» وخصومه في «مجلس شورى المجاهدين»، لتكشف الأحداث أن الاتفاق لم يكن سوى تعهد من «كتائب ابن الزبير» بعدم رفع السلاح في وجه التنظيم، وتسليم كل من يُقدم على ذلك داخل البلدة. وأمس، اقتحم مسلحو «داعش» البلدة، فتمكنوا من السيطرة عليها خلال ساعات، لتسارع أوساط «جبهة النصرة» و«مجلس شورى المجاهدين» إلى اتهام التنظيم بـ«الغدر ونكث الاتفاق»، الأمر الذي نفاه مصدر من «داعش»، متهماً «كتائب ابن الزبير» بالمثل. وقال المصدر لـ«الأخبار» إن «الدولة لا تنكث العهود، ولكنها في الوقت نفسه لا تتهاون مع كلّ من ينكث عهداً معها». في المقابل، وصفت مصادر من السكان ما حصل بأنه «مكيدة دبّرتها جبهة النصرة للانتقام من أهالي خشام الذين اعتزلوا قتال الدولة». ووفقاً لرواية هذه المصادر، فإن عناصر يتبعون «النصرة» قدموا من بلدة البوعمر، وقاموا بالاعتداء على حاجز تابع لـ«داعش» على مشارف خشام، ما أدى إلى مقتل 12 عنصراً من التنظيم، وأسر أربعة آخرين. وأوضحت المصادر أن عناصر موالين لـ«النصرة» داخل خشام قد شاركوا في هذا الاعتداء، فطلب التنظيم المتطرف من «تجمع كتائب عبدالله بن الزبير» تسليمه المتورطين. وحصلت مفاوضات بين «داعش» وأهالي خشام في هذا الشأن، لكنها لم تصل إلى نتيجة، إذ أصرّ التنظيم على تسليمه المتورطين، وأمهل البلدة حتى الثالثة من بعد ظهر أمس، قبل اقتحامها.

«اتحاد وشيك» لعدد
من المجموعات في مناطق «داعش» في ريف حلب الشرقي

وأكّد أحد السكان الذين نزحوا عن البلدة لـ«الأخبار» أن «قياديي النصرة وشورى المجاهدين حرّضوا كتائب ابن الزبير وأهالي البلدة على رفض طلب داعش، ووعدوهم بالوقوف معهم في الدفاع عن البلدة، لكنّهم تركوا البلدة وحدها في مواجهة داعش». وخصّ المصدر بالاتهام السعودي سلطان بن عيسى العطوي (أبو الليث التبوكي، شرعيّ «جبهة النصرة»). وقال المصدر إن «العطوي بادر أيضاً إلى تسريب أنباء كاذبة مفادُها أنه مختبئ في البلدة، ما أعطى محرّضاً إضافيّاً لداعش على اقتحام خشام»، حيث يُعتبر العطوي أحد أبرز المطلوبين للتنظيم.
إلى ذلك، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارض إن «النصرة» وحلفاءها تمكنوا من «استعادة السيطرة على محطة نفط الخراطة (جنوب غرب دير الزور)، عقب اشتباكات عنيفة مع الدولة الإسلامية في العراق والشام في المنطقة». وفي شأن متصل، تحدث ناشطون عن «اتحاد وشيك» لعدد من المجموعات المسلحة في مناطق سيطرة «داعش» في ريف حلب الشرقي. وقال الناشطون عبر صفحات التواصل الاجتماعي إن «فصائل ‏منبج اجتمعت تحت قيادة عسكرية واحدة، بالتنسيق مع غرفة أهل الشام (التي تضم جبهة النصرة، وأحرار الشام، ولواء التوحيد، وجيش المجاهدين) للعمل على تحرير الراعي، الباب، منبج، جرابلس. من خوارج البغدادي». إلى ذلك، قتل الجيش السوري، أمس، القائد العسكري لـ«لواء الاخلاص» التابع لـ«الجيش الحر»، عبد المحسن العلي، أثناء اشتباكات في محيط تل عزان في الريف الجنوبي لحلب.




«حل» و«اندماج» في «الجبهة الإسلامية» في حلب

أعلنت المجموعات المسلحة المنضوية تحت لواء «الجبهة الإسلامية في حلب» قيامها بحل نفسها، وإعادة هيكلتها ضمن أربعة قطاعات. ووصفت مصادر «الجبهة» هذه الخطوة بأنها «جزء من عملية الاندماج الكامل»، الأمر الذي «يفرض اختفاء مسميات التشكيلات المكونة للجبهة الإسلامية نهائياً، واندماجها كلياً». وقُسّمت القطاعات على النحو الآتي: «قطاع مدينة حلب، قطاع الريف الشمالي، قطاع الريف الجنوبي، وقطاع الريف الغربي».
وسمّت «الجبهة» قائداً عسكريّاً لكلّ من القطاعات، وهم: أبو أسعد دابق (متزعم عملية تفجير مبنى الكارلتون أمام قلعة حلب)، «قائداً لقطاع مدينة حلب». أبو الوليد المارعي (أحد متزعمي «لواء التوحيد») «قائداً لقطاع الريف الشمالي»، وأبو ذر «قائداً لقطاع الريف الجنوبي»، وإسماعيل كورج (القائد العسكري للريف الغربي في «لواء التوحيد») «قائداً لقطاع الريف الغربي».