بعد المواقف الدولية الرسمية المعلنة تجاه الاعتراف بالحكومة الفلسطينية الجديدة، تحاول إسرائيل التأثير في مواقف الدول المعنية عبر قنوات إضافية منها التواصل مع الملاحق العسكرية الأجنبية في إسرائيل الذين التقاهم وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، داخل مقر وزارته في تل أبيب. في الاجتماع بدا يعلون كأنه يحاضر في الجغرافيا الفلسطينية ومفاعيلها السياسية والأمنية، متهماً العالم بأنه يجد صعوبة في فهم الانفصال الجغرافي بين قطاع غزة والضفة المحتلة وتأثيرات ذلك الأمنية.
ووفق التوصيف الموجه الذي قدمه يعلون، فهو يمهد به لتبرير مطالبة السلطة الفلسطينية «بفرض سيطرتها على غزة» المنفصلة جغرافياً عن الضفة، والمعنى العملي لهذه السيطرة طبقاً لمفهومه هو ما يحقق الأولويات الإسرائيلية عبر «نزع سلاح حماس» وباقي فصائل المقاومة، وهو الهدف الذي سعى إليه الاحتلال وشنّ من أجله حربين كبيرتين. استناداً إلى كلام يعلون الذي أكد أن «تل أبيب طلبت من السلطة في أعقاب تشكيلها الحكومة السيطرة على القطاع»، يتضح أن نتنياهو وحكومته أرادوا وضع الرئيس محمود عباس أمام خيارين: إما تلبية مطلب نزع سلاح المقاومة في غزة، وإما أن المصالحة ليست سوى «مسرحية عبثية هدفها خداع العالم».
هنا تحديداً تحدث الوزير الإسرائيلي عن الدول التي تبنت رؤية مغايرة للمقاربة الإسرائيلية وقررت التعامل مع الحكومة الفلسطينية، بالقول إن هذه الدول اتخذت قرارها نتيجة أنها «غير مطلعة على تعقيدات الواقع في الشرق الأوسط، في حين أن إسرائيل تدرك أن عباس لا يسيطر على قطاع غزة، وهو جزء أساسي من أراضي سلطته». لم يفت يعلون تكرار اللازمة الإسرائيلية لجهة أنه «جنديّ سابق في الحروب ويعلم ثمنها»، وعلى ذلك فهو «يطمح إلى السلام»، لكنه استدرك بأنه لا يستطيع إيهام نفسه بخصوص صورة الحكومة الفلسطينية»، معللاً ذلك بالإشارة إلى أن «القيادة الفلسطينية التي يراها العالم معتدلة ليست على استعداد للاعتراف بحق إسرائيل أن تكون دولة قومية للشعب اليهودي، والإعلان عن اتفاق ينهي الصراع». وأضاف: «التحديات هنا صارت عالمية لأن الشرق الأوسط أصبح مصدراً للفوضى في العالم كله... النظام الإيراني هو المسؤول الأول عن هذه الفوضى».

إعلان خطة
طوارئ لاستقدام
يهود أوروبا، وخاصة أوكرانيا
غير بعيد عن الخطاب الرسمي الإسرائيلي الذي يشكك في نية عباس تجاه التسوية، بدأ التمهيد لخطوات إسرائيلية أحادية تحت ذريعة «غياب شريك فلسطيني للسلام». في السياق، ذكر موقع «نيوز 1» العبري أن نتنياهو بدأ «على ما يبدو بلورة خطة للانفصال الأحادي الجانب عن الفلسطينيين للحيلولة دون تشكيل دولة ثنائية القومية في أعقاب وصول المفاوضات المبنية على أساس حل الدولتين إلى طريق مسدودة». وتابع «نيوز 1»: «رئيس الوزراء أعلن خطته في اجتماع مغلق للجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الاثنين الماضي، وخاطب الحضور قائلاً إنه يريد دولة واحدة كما يرغب في الانفصال عن الفلسطينيين».
ويرى سياسيون إسرائيليون أن موقف نتنياهو تصريح دراماتيكي يوجب التوضيح. وفق الموقع، الذي أكد أن الأخير متحمس لخطته التي تأتي استكمالًا لما قاله خلال مقابلته مع محطة بلومبرغ الأميركية، وتحدث آنذاك عن خطوات أحادية الجانب رداً على إخفاق المفاوضات من جهة، وتشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية من جهة أخرى.
الموقع العبري لفت إلى أن الأيام ستكشف أن لهذه التصريحات التي اختارها نتنياهو بعناية ما وراءها، «إذ تشير التقديرات إلى أنه يسعى إلى انفصال أحادي الجانب، وهو كرر في سبيل ذلك كلمة الانفصال خلال أكثر من مناسبة ولقاء رسمي داخلي أو حتى مع مسؤولين دوليين»، مكملاً: «وضع الرجل إخفاق المفاوضات في سياق إثبات صحة موقفه بأن الفلسطينيين لا يريدون التقدم بالعملية السلمية، رافضاً الخوض في تفاصيل ما يجب على إسرائيل فعله، لكنه أكد وجود خطة تدرس هذه الأيام».
ويفيد «نيوز 1» بأن نتنياهو ردد أنه لا يريد دولة واحدة بين البحر والنهر، «وفي الوقت نفسه لا أريد دولة أخرى تشارك في حكمها منظمة إرهابية مثل حماس»، لكنه عاد وتحدث في ختام الجلسة عن أهمية الانفصال عن الفلسطينيين دون الخوض في التفاصيل، ما ترك أعضاء الكنيست في حيرة من أمرهم»، علماً أنه أكد أن المفاوضات لن تستكمل مع الفلسطينيين في ظل دخول «حماس» حكومة مع «فتح». ونقل الموقع الإخباري أيضاً عن عضو كنيست إسرائيلي قوله: «لا يستطيع المرء أن يقرر الخطة التي يسعى نتنياهو إلى تنفيذها لكن هناك إجماعاً على أن لديه خطة للانفصال عن الفلسطينيين من جانب واحد»، كذلك لفت عضو كنيست آخر إلى أنه عايش هذا الموقف حين بدأ رئيس الوزراء الراحل، أريئيل شارون، طرح خطته للانسحاب من غزة من جانب واحد، «ففي تلك الأيام بدأ شارون التمهيد لها تدريجيّاً، وعلى ما يبدو، فإن نتنياهو يكرر الخطوات نفسها». من جهة أخرى، رفضت إسرائيل الانتقادات الدولية لقراراتها الاستيطانية الأخيرة، ونقلت الإذاعة العبرية عن مصادر سياسية في تل أبيب قولها إن على المجتمع الدولي أن يركز على القضايا الملتهبة في المنطقة «ومن ضمنها وقف المجازر في سوريا». ونقلت تقارير أخرى عن مسؤول حكومي قوله: «أمر غريب أن يكون هناك أناس في المجتمع الدولي يقولون إن حكومة فلسطينية تشارك فيها منظمة إرهابية قاتلة يمكنها أن تنشر السلام، وهؤلاء الناس أنفسهم يقولون إن البناء في القدس عاصمة إسرائيل، هو أمر يجب العودة عنه!». في سياق منفصل، أعلنت الحكومة الإسرائيلية إقرار «خطة طورائ» لاستقدام يهود أوروبا، وخصوصاً أوكرانيا بذريعة تنامي مظاهر «معاداة السامية» في بعض بلدان القارة العجوز. وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، أن الحكومة ستستثمر 100 مليون شيكل في تنفيذ الخطة التي تنص على منح 15 ألف شيكل لكل عائلة يهودية تهاجر إلى إسرائيل من مناطق نزاع مسلح مثل أوكرانيا. ووفقاً للصحيفة فإن قرار الحكومة ينص على إنشاء شركة مستقلة تتولى مهمة تشجيع يهود العالم على الهجرة إلى إسرائيل، وذلك خلافاً للسابق حين كانت هذه المهمة منوطة بالوكالة اليهودية.