طرابلس | موعدٌ جديد للانتخابات الرئاسية في ليبيا، حُدّد يوم 21 كانون الثاني الحالي، بعد أقلّ من شهر على الموعد السابق في 25 كانون الأوّل الماضي، والذي تَعذّر فيه إجراء الانتخابات وفق خارطة الطريق المتوافَق عليها بين الأطراف السياسية.إلّا أن الموعد الجديد لا يعدو كونه، إلى الآن، استجابة للنصّ القانوني الذي يَفرض عقْد الانتخابات في غضون شهر من التاريخ الأوّل الذي تَعذّر فيه إجراؤها؛ إذ لا تقدّم ملحوظاً في الإجراءات الهادفة إلى إنجاز الاستحقاق، في وقت تلتزم فيه «المفوّضية العليا للانتخابات» الصمت الكامل، مع بقاء أقلّ من 20 يوماً على التاريخ المُحدَّد حديثاً. ومن هنا، تعتقد مصادر مطّلعة، في حديث إلى «الأخبار»، أن «هذا اليوم لن يشهد تَوجّه الناخبين إلى صناديق الاقتراع».
وعلى رغم أن خيار استقالة المفوضية بالكامل وإعادة تشكيلها لا يزال مطروحاً، إلّا أن رئيسها عماد السايح وزملاءه لم يُقدِموا بعد على خطوة من هذا النوع، مشترطين لذلك توفير ضمانات بحمايتهم من أيّ ملاحقات، فضلاً عن رغبة السايح نفسه في إعادة انتخابه على رأس المفوضية في حال إعادة تشكيلها، وهو أمر لا يبدو أنه ضمن الأولويات الحالية. أيضاً، لم يكن لحديث السايح عن عمليات التزوير التي شابت التوكيلات المُقدَّمة من المترشّحين أيّ صدى، ولا سيما أن المفوضية لم تتّخذ أيّ إجراء جدّي حتى الساعة تجاه أيّ من هؤلاء، كما لم تُحِل الأوراق الخاصة بهم إلى النيابة من أجل التحقيق، وهو ما يعزّز الشكوك في تسييس عمل المفوضية، التي كانت علّقت إعلان القوائم النهائية للمترشّحين بسبب الاعتراض على وجود اسم سيف الإسلام القذافي، وليس أيّ اسم آخر، فيها.
تعيش حكومة عبد الحميد الدبيبة حالة تصدّع داخلي في ظلّ الأزمات التي تلاحق وزراءها


في هذا الوقت، تُكثّف مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني ويليامز، لقاءاتها مع المسؤولين المتنافسين من أجل الوصول إلى صيغة توافقية تضمن إتمام العملية الانتخابية، وسط تشدّد من قِبَلها في رفْض الحديث عن خارطة طريق جديدة تجبّ ما قَبْلها، باتت مختلف الأطراف الليبية تطالب بها. وفي هذا الإطار، تبدي وليامز ثقة بقدرة مجلس النواب على حسم ذلك الجدل عبر اللقاءات التي تُعقَد خارج قبّته، فيما يَظهر لافتاً تشديدها على «ضرورة التعامل بهدوء وحذر، وعدم التفكير في اللجوء إلى فرض الأمر الواقع»، تحت طائلة «دفْع الثمن عبر عقوبات وملاحقات دولية سيتمّ فرضها بشكل سريع». وتأتي هذه التطوّرات في وقت بدأ فيه اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، حركة مصالحات تستهدف توفير الأجواء اللازمة لإجراء الانتخابات. وتستند حركته، التي تَدفع أطراف عربية رئيس البرلمان، عقيلة صالح، إلى الانخراط فيها، إلى محاصصة قبَلية باتت مطلوبة لضمان إتمام عملية الاقتراع، خصوصاً أن وزارة الداخلية الليبية لن تكون قادرة على تأمين جميع مقرّات الصناديق في المناطق كافة.
على خطّ موازٍ، تعيش حكومة عبد الحميد الدبيبة حالة تصدّع داخلي، في ظلّ صدور قرارات قضائية بملاحقة وزيرَي التعليم والثقافة فيها وإيقافهما عن أعمالهما، في حين يجري البحث عن تسوية لاسترضاء الدبيبة، تأخذ في الاعتبار استمرار تجميد منصبه قبل خوض الانتخابات الرئاسية، والذي لا يزال الخيار الوحيد المناسب له، بحسب مصادر مقرّبة منه تحدّثت إلى «الأخبار». إذ لا يرغب الدبيبة في خسارة منصبه كرئيس للوزراء من دون تفاهمات تضمن إجراء الانتخابات، في الوقت الذي يراهن فيه على الكتلة المؤيّدة له في طرابلس بشكل رئيس. وعلى رغم توقُّف اتصالاته المعلَنة مع أطراف خارجية عديدة، ثمّة، بحسب المصادر، اتّصالات منتظمة بينه وبين عدد من المسؤولين المعنيّين بالملفّ الليبي، في مقدّمتهم الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان.