الخرطوم | تجدّدت، أمس، في الخرطوم، التظاهرات المناهضة للانقلاب العسكري، وسط لامبالاة باستقالة رئيس الوزراء، عبدالله حمدوك، الذي علّق ناشطون على خطوته بوسَم «استقال ما استقال الجدول شغال»، على اعتبار أن الرجل منذ خروجه من الإقامة الجبرية، وتوقيعه اتفاقاً مع قائد الانقلاب، عبد الفتاح البرهان، وضَع نفسه في صفّ الانقلابيين، وبالتالي فإن الحراك عاد إلى ما بعد الحادي عشر من نيسان 2019. وعلى خلفية ذلك، أعلنت «لجان المقاومة» مواصلتها جدول «التصعيد الثوري»، عبر تنظيم تظاهرات مركزية وُجهتها الموحّدة القصر الجمهوري في العاصمة. ويقول عضو اللجان في مدينة أم درمان، عبد الرحمن أحمد، في حديث إلى «الأخبار»، إن «استقالة حمدوك لا تعنيهم في شيء، لكنّها في الوقت نفسه تمنحهم الحافز والقوّة لمواصلة الضغط والتظاهر ضدّ العساكر، حتى سقوطهم بشكل كامل، وتحقيق شعار لا تفاوض، لا مساومة، لا شراكة». ويشير أحمد إلى أن «التصعيد المقاوِم للانقلاب العسكري في أوْجه الآن، بل إن القوى المقاومة استعادت تنظيمها وقوّتها، وأضحت في خانة الفعل، بينما وضعت الانقلابيين في خانة ردّة الفعل». من جهتها، تسعى «قوى الحرية والتغيير» - بشقّها المعارِض للانقلاب - إلى التقارب مع الأجسام المهنية و«لجان المقاومة»، وفق عضو المكتب الإعلامي للائتلاف، عباس محمد إبراهيم. ويَعتبر إبراهيم، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «الانقلاب بوجود حمدوك في السلطة هو انقلاب، وبغيابه يظلّ انقلاباً يجب إسقاطه»، مضيفاً أنه «باستقالة حمدوك، تقدّمت القوى الثورية خطوة في معركة دحر الانقلاب وإسقاط جدرانه»، متابعاً أن «هذه الخطوة سوف تدفع بمجموعات مختلفة كانت تقف متردّدة وتطالب بمنح حمدوك فرصة» للوقوف إلى جانب الحراك.
يبدو أن العسكر استعجلوا استقالة حمدوك بعد فشل الأخير في تشكيل حكومة على هواهم

لكن على ما يبدو، فإن العسكر هم أنفسهم مَن استعجلوا استقالة حمدوك، بعد فشل الأخير في تشكيل حكومة على هواهم، إلى جانب معارضته عدداً من القرارات التي اتّخذها قائد الجيش، وعلى رأسها منْح جهاز المخابرات صلاحيات واسعة في الاعتقال. ووفق مصادر مطّلعة تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن «قطاعات واسعة من العسكر قابلت استقالة حمدوك بترحيب واسع، بعدما كانت مجبَرة على إعادته إلى رئاسة الوزراء، لإرضاء المجتمع الدولي الذي ضغط بقوّة في هذا الاتجاه». على أن العسكر سيجدون أنفسهم مجدّداً في مواجهة مع الشارع، فيما سيعمل قائد الجيش، في الوقت الحالي، على تشكيل حكومة تصريف أعمال إلى حين انتهاء الفترة الانتقالية في عام 2023، وقيام الانتخابات التي قد يقرّر البرهان إجراءها قبل ذلك، على اعتبار أن السلطة كلّها بيده، وأنه يستقوي بقانون الطوارئ الذي أعلنه منذ انقلابه، ولم يفلح حمدوك في إلغائه خلال فترة إعادته إلى رئاسة الوزراء. وبينما سيحاول البرهان تعيين رئيس وزراء تتوافق عليه القوى السياسية والحركات المسلّحة الموالية لقائد الانقلاب خلَفاً لحمدوك، للمُضيّ في تنفيذ الاتفاق المُوقّع في 21 تشرين الثاني، يعتبر محلّلون أن هذه المهمّة ليست بالأمر السهل؛ إذ إن قبول أيّ شخص بالمنصب في هذا التوقيت يعني انتحاره السياسي، فضلاً عن أن الاتفاق كان موقّعاً بين حمدوك بصفته الشخصية وبين القائد العام للجيش ورئيس «مجلس السيادة»، ما يعني أنه اليوم يُعتبر مُلغىً.