خلافاً لما جرت عليه العادة من تَحدُّث الناطقين الإعلاميّين للأذرع العسكرية لفصائل المقاومة في مثل هكذا مناورات، خرج القائد العسكري في «كتائب القسام»، أيمن نوفل، من الظلّ، وتَحدّث بشكل مقتضب ومحسوب عن الرسائل التي استبطنتها مناورة «الركن الشديد». ونوفل، هو قائد ركن الاستخبارات في «كتائب القسام»، وقد توارى عن الأنظار منذ استطاع الهرب من سجن المرجة المصري، خلال انتفاضة 25 كانون الثاني 2011. وإلى جانبه، ظهر عدد من القيادات العسكرية، أبرزهم أحمد الغندور، وهو قائد لواء شمال غزة الذي أخفق الاحتلال في اغتياله بعد أن دمّر مربعاً سكنياً كاملاً على رؤوس ساكنيه خلال معركة «سيف القدس»، فضلاً عن القائد العسكري البارز في «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، خالد منصور. وعلى رغم أن نوفل بدا صبوراً في حديثه إلى الإعلام، وأعاد في إجابته على أسئلة الصحافيّين المعلومات نفسها التي تحدّث بها بصيغ كلامية مختلفة، إلّا أن ظهوره إلى جانب الغندور خلال المؤتمر الصحافي، سيفتح الباب واسعاً أمام تخمين الرسائل التي أرادت المقاومة أن توصلها، ولا سيما «القسام». مصادر مطّلعة في المقاومة أكّدت أن الشهور التي أعقبت انتهاء معركة «سيف القدس»، شهدت محاولات أمنية إسرائيليّة محمومة لاختراق بيئة المقاومة، مُقدّرة أن «الجهد المخابراتي الإسرائيلي يحمل أهدافاً طموحة، عنوانها تنفيذ عملية جراحية داخل القطاع، تفضي إلى اعتقال قيادي كبير في القسام مثلاً، بما يقود المقاومة إلى تقديم تنازلات على طاولة مفاوضات صفقة الأسرى»، مستنتِجاً أن «المقاومة، ولا سيما القسام، أرادت أن تقول إنها تمتلك إحاطة وتقديراً دقيقَين لأهداف الاحتلال، وإنها لن تغفل عن مكيدة كتلك». وإلى جانب الرسائل «الروتينية» المتعلّقة بالهدف الوطني المنوط بوجودها، أظهرت المقاومة، من خلال ظهور هذا القيادي، عزماً حقيقياً على تنفيذ عمليات أسْر جنود، في حال استمرار المماطلة في تنفيذ صفقة التبادل، والتي تطمح من خلالها إلى تحرير ثلثَي الأسرى.
شهدت الشهور التي أعقبت «سيف القدس» محاولات إسرائيليّة محمومة لاختراق بيئة المقاومة


أمّا خالد منصور، وهو القيادي التاريخي في «السرايا»، فقد بيّن في حديثه إلى «الأخبار» أن «مشاركة السرايا إلى جانب فصائل المقاومة في مناورة الركن الشديد، تحمل رسائل جديدة عن وضعية الميدان، وهي تأتي في إطار الجهوزية الشاملة لفصائل العمل المقاوم، وأيضاً تتزامن مع مناورات الاحتلال التي يجريها على حدود غزة»، منبّهاً إلى أن «التدريبات العسكرية ليست فعلاً استعراضياً، بل هي جزء أصيل من العمل العسكري، الذي يسبق كلّ مواجهة». ولا يَفُوت الرجلَ التأكيدُ أن «المقاومة في غزة هي جزء أصيل من مكونات محور المقاومة، الذي يبدي اليوم استعداداً وجهوزية لمواجهة التحدّيات الميدانية المحيطة بكافة دول وكيانات المحور».
وفي مقابل القيادات التي تمكّن الصحافيون من التعرّف عليها، منَع أمنُ المقاومة كاميرات الصحافة من الوصول إلى آخرين. أمّا البقية، فهم بخلاف الساسة، يشاهد الجميع أفعالهم، وربّما يكونون قد سمعوا بأسمائهم، من دون أن يستطيعوا في موقف كهذا، أن يطابقوها مع شخصياتهم.