غزة | شهد منتصف ليل أمس مناوشات بين موظفي الحكومة المقالة السابقة في غزة من جهة، وموظفي حكومة الوفاق (رام الله سابقاً) من جهة أخرى، وذلك على خلفية احتجاج «موظفي حماس» على تسلم نظرائهم رواتبهم عبر الصرافات الآلية، في حين أنهم لا يزالون يعيشون فصول «أنصاف الرواتب» منذ تسعة أشهر. وامتدت تلك المناوشات أمام أبواب البنوك والصرافات الآلية في مناطق قطاع غزة كافة حتى تدخلت «شرطة حماس» لتفض بعض الاشتباكات، معلنة إغلاق البنوك لتأمينها.
كذلك أفادت مصادر داخل الأخيرة أنهم دخلوا «إجازة شبه مفتوحة» حتى حل الإشكالية وضمان سلامة موظفيها، من دون أن تشير في حديثها مع «الأخبار» إلى فتحها بعد إجازتي الجمعة والسبت المعتادة أو تمديد ذلك. اللافت أن احتجاج الموظفين وتدخل الشرطة حدثا في التوقيت نفسه، ما يشير إلى أن هناك اتفاقاً ضمنياً لافتعال الإشكالية ووقف تسلم الرواتب التي صرفتها حكومة الوفاق عن شهر أيار الماضي، من أجل لفت النظر إلى معاناة موظفي القطاع العام في غزة، وهو ما لم تنفه أو تؤكده مصادر شرطية خلال اتصال «الأخبار» بها، لكنها ذكرت أنها ملزمة بتأمين مقار البنوك.
مع ذلك، صرّح مسؤول في أحد الأجهزة الأمنية التابعة لحماس بأن الاحتجاجات ستبقى كما هي حتى صرف رواتبهم أسوة بغيرهم. وقال لـ«الأخبار»، رافضاً البوح باسمه لحساسية الموقف كما وصف: «هنالك إصرار على إغلاق البنوك حتى حل الأزمة»، لكنه رفض تأكيد وجود أوامر من قيادة الأجهزة الأمنية في هذا الشأن أو أن الأمر خضع لارتجالية بعض أفراد الشرطة الذين لا يتقاضون رواتبهم بانتظام أيضاً.
وكان عناصر من الشرطة لا يزالون ينتشرون أمام أبواب البنوك حتى كتابة التقرير، وهو ما عزاه المتحدث باسم وزارة الداخلية والأمن الوطني إياد البزم إلى منع تفاقم الأمور، «ولتوفير الحماية للمؤسسات»، لكنه استدرك بقوله لـ«الأخبار» إن القضية متروكة لقرار من إدارة البنوك وسلطة النقد.
في المقابل، وصف الحقوقي مصطفى إبراهيم ما جرى بـ«غزوة البنوك»، ورأى في حديث إلى «الأخبار» أنه «سلوك مخطط له ولم يكن نابعاً من تصرف فردي أو مجموعات من موظفي حماس المظلومين ومن حقهم تلقّي رواتبهم». وأضاف: «حماس تعاملت بعصبية وأرادت إيصال رسالة واضحة فحواها أن موضوع الرواتب يجب أن يحل، مع أن عليها الانتظار لأن موظفيها جزء أصيل من السلطة، على ما جرى الاتفاق عليه في المصالحة».
ولا يشك إبراهيم في كون «حماس» وقّعت على اتفاق المصالحة مع ضمان رواتب موظفيها «وتسكينهم على ملاك موظفي السلطة الوطنية»، معللاً: «هي لم تقفز في الهواء وتترك موظفيها يستجدون، بل أظن أنهم حصلوا على ضمانات من الرئيس محمود عباس في ما يتعلق بهذا الموضوع، لكن الواضح أن السلطة لم تكن جاهزة أو أنها تعمدت خلق أزمة وتريد أن تساوم حماس، فتركت الموظفين من دون رواتب هذا الشهر».
مع هذا، يرفض الموظفون الذين يعيشون ظروفاً صعبة في غزة أن يدخلوا دوامة المناكفة من جديد، فالمصالحة وفق رأيهم لا ينبغي أن تتم إن كانت تعني العودة إلى ما كان واقعاً في عامي 2006 و2007 قبل الانقسام الداخلي، حين عاشوا أشهراً طويلة بلا رواتب. يقول محمد أبو صبحة، وهو أحد موظفي رام الله: «ما ذنبنا في ما يجري؟... يفترض بموظفي حماس أن يشعروا بنا، فهم يعانون مثلنا، وأزمة رواتبهم ليست وليدة اليوم بل منذ سنوات، فليتمهلوا شهراً أو اثنين حتى تحل أزمتهم». وأضاف لـ«الأخبار»، في الوقت الذي كان يجلس فيه قرب الصراف التابع لبنك فلسطين: «أتمنى أن تحل الأزمة في الساعات المقبلة كي نتمكن من العودة بالراتب إلى أسرنا وأطفالنا».
في المقابل، ثار أحد موظفي غزة، ويدعى إبراهيم السقا، رداً على سابقه بالقول: «كيف نتمهل وجميعنا نتبع لحكومة واحدة؟... هذا تكريس للانقسام ويخرج عمّا اتفقوا عليه»، وصرخ بأعلى صوته: «لن يأخذ أحد منكم شيكلاً واحداً ما لم نتمكن من تلقّي رواتبنا الشرعية». بعدما هدأ، عقّب السقا لـ«الأخبار»: «ما يجري مهزلة ولن نسمح بها، فنحن خدمنا شعبنا لسبع سنوات في حين جلس غيرنا في بيوتهم يتلقون رواتبهم بانتظام».
أما «حماس» فذهب عدد من قياداتها إلى التهرب من الرد على الاتصالات بشأن القضية، مكتفية بالإشارة إلى تحميل حكومة الوفاق ما يجري في القطاع بناءً على أنها المسؤولة عن احتياجات الموظفين. في المنتصف، وقفت حركة الجهاد الإسلامي التي طالب القيادي فيها خالد البطش حكومة الوفاق بتحمل مسؤولياتها في صرف رواتب الموظفين كافة من دون تمييز، لكنه استغرب في الوقت نفسه آلية معالجة الأمور مع ما جرى أمام البنوك والتخوف من أن يؤدي إلى إشاعة الفوضى.
بدوره، قال المتحدث باسم «حماس» سامي أبو زهري إن «ما جرى عند البنوك حالة غضب لموظفين في غزة نتيجة تعرضهم للتمييز وحرمانهم رواتبهم». وتابع عبر «فايسبوك»: «المطلوب أن تتحمل حكومة التوافق المسؤولية». على الطرف المقابل، ردّ المتحدث باسم حكومة الوفاق إيهاب بسيسو بأن حكومته «ستتعامل مع جميع أبناء الشعب من دون تمييز، لكن الرواتب التي صرفت كانت مجدولة ضمن الموازنة العامة ولم تقرّ بعد توقيع اتفاق المصالحة».
جراء ذلك كله، يبدو أن «حماس» نجحت في معركتها لتحصيل رواتب موظفيها، وذلك بعد أن أعلن بيان صدر عنها مساء أمس تعهد أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني بدعم حكومة التوافق الوطني لتمكينها من صرف رواتب موظفيها، خصوصاً موظفي الحكومة السابقة في غزة. وذكر بيان الحركة أن رئيس الوزراء السابق إسماعيل هنية «أجرى اتصالاً هاتفياً مع تميم، داعياً إلى دعم من قطر لمساعدة حكومة التوافق على الوفاء بالتزاماتها المالية»، معقّباً: «أمير قطر استجاب لدعوة هنية، خاصة في ما يتعلق برواتب موظفي غزة». كذلك أوضح بيان «حماس» أن هنية أجرى اتصالاً مع رئيس حكومة التوافق رامي الحمدالله «شرح فيه كل ما حدث مع تميم»، ودعا، خلال الاتصال، الحمدالله إلى زيارة الدوحة في أقرب وقت لـ«وضع آلية من أجل دعم موازنة الحكومة حتى توفي التزاماتها».
2 تعليق
التعليقات
-
مصالحة الثعالبالمشكلة في النفوس وليست في النصوص فكيف يكون هناك مصالحة ومشاركة في الحكم بين نقيضين واني لا اراها الا مصالحة الضرورة والمصالح ولقد قالها الراحل عبد الناصر قال لقد تحاورت انا والاخوان ولكن تبين لي انهم يريدون السلطة . ان الاخوان يريدون ان يسيطروا على عالمنا العربي واي تنازل منهم في هذا الموضوع فهو مؤقت بسبب الضرورة والحصار وانكشاف امرهم . واننا نراهم وفي ظل المصالحة يلجؤن الى قطر الاخوانية للاستقواء بها على ابناء جلدتهم ولينتفضوا بعدها في غزوة جديدة من غزواتهم الجاهلية ضد ابناء وطنهم وانني لا اتوقع خيرا اذا لم يتم قطع دابر هذا الفكر المتطرف الاعمى
-
وين في مشكل ابحث عن مشعلاحب ان ابداْ من بداية الانقسام الذي اوقدت ناره عربان الخليج فان قطر تدعم الاخوان وحماس بنت الاخوان ولقد عملت ومنذ تولي مشعل قيادتها لصالح حزب الاخوان العالمي وعلى حساب دم ابناء فلسطين وتجويع ابنائهم هذا في القطاع واما في الجوار فلقد قامت بمناصرة الاخوان ضد السيسي وهذا واضح من خلال اعلامهم وفي سوريا التي احتضنتهم فقد قاموا بخيانتها وفي اشد الظروف خطورة وانقلبوا الى النقيض الى قطر ونتج عن ذلك دخول المتطرفين من القاعدة والنصرة الى مخيم اليرموك الذي تم تدميره وتجويع اهله وما زال يعاني حتى الان الى جانب المخيمات الاخرى . انه ونتيجة لسياسة حماس الحمقاء والتي تعمل لمصلحة حزب الاخوان ولمصالح شخصية على حساب دماء ابناء شعبها قد اوصلت ابناء فلسطين الى حافة الهلاك وحتى الان وبعد حكومة التوافق نرى مشاكستهم ودعم قطر الاخوانية لهم . فلماذا لا يقدم الدعم الى حكومة التوافق بل يقدم الى موظفي الحكومة في غزةوبطلب من رئيس حكومة غزة المقالة ويقوم الاخير بدعوة رئيس حكومة التوافق لزيارة قطر , فهل هنية اصبح ينوب عن حكومة قطر لكي يدعوا من يشاء لزيارتها ؟ فما هذا الهراء . انني ارى الانقسام ما زال قائما ما دامت حماس تجعل الاولوية لحزب الاخوان وليس لابناء شعبها وكذلك ما دامت عربان الخليج لا تعطي المال للفسطينيين الا بغرض الفتنة وعند الضرورة القصوى خوفا من انقلاب الوضع عليهم . والك يوم يا ظالم لن تغيب شمسه