بغداد | مع تأجيل المحكمة الاتحادية، مرّة أخرى، إصدار قرارها في دعوى رئيس «تحالف الفتح»، هادي العامري، المطالِبة بإلغاء نتائج الانتخابات، بات واضحاً أن القضاء العراقي يفضّل توصّل الأطراف إلى تسوية للأزمة، نظراً إلى صعوبة الخيارات الأخرى والوقت الذي تستهلكه، خاصة إذا ما وَجدت المحكمة مسوّغات لإلغاء النتائج كلّياً أو جزئياً. وعليه، باتت القوى «الشيعية» المعارِضة لزعيم «التيّار الصدري»، مقتدى الصدر، في وضع أفضل لحشْد قوى من خارج صفّها، خلْف موقفها الداعي إلى تشكيل حكومة توافقية. مع ذلك، بدا «الحزب الديموقراطي الكردستاني»، الذي اتّجهت إليه أوّلاً مساعي التحشيد تلك، حذراً في إطلاق مواقف بشأن الخلاف «الشيعي - الشيعي»، وفق ما ظهر بعد المحادثات التي عقدها وفد من «الإطار التنسيقي» برئاسة نوري المالكي، في أربيل، مع مسعود بارزاني، الذي فاز حزبه بـ31 مقعداً تُمثّل الحصة الكردية الأكبر في مجلس النوّاب، المُكوّن من 329 مقعداً. وفي هذا الإطار، يوضح القيادي في «الديموقراطي الكردستاني»، عبد السلام البراوري، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الجانب الکردستاني محکوم، بصورة عامة، بما تتوصّل إليه الأطراف الشیعیة، وسیَدخل في تشکیل الحکومة مع الطرف الذي یتمّ تکلیفه. عموماً، لیست لدینا خطوط حمراء ضدّ أشخاص أو أطراف معیّنة». ويستبعد البراوري أن تؤدي قرارات المحكمة الاتحادية إلی تغییرات ملموسة في النتائج النهائیة غیر الرسمیة التي أُعلن عنها، معتبراً أن «المحکمة تبحث عن تولیفة لاحتواء التشنّج والمواقف المتضادّة، ومنْع أيّ انفجار أمني». ويرى أن «کلّ المحادثات التي تجري قبل إعلان النتائج النهائیة ومعرفة الطرف (أو الشخص) المکلّف بتشکیل الحکومة، هي مجرّد مشاورات وتبادل آراء، على رغم أن هناك توجّهاً قوياً لا في الإقلیم وحده، بل في عموم العراق، بأن من الأفضل عدم تکرار التجارب السابقة التي رفضها الشارع وانتفض ضدّها، ومن مصلحة العراق أن یخطو خطوة إلی الأمام، بتشكيل حکومة تستند إلی کتلة قویة، ومعارضة فعّالة تراقب الحکومة». ويخالف هذا الموقف اللافت، التوجّهَ الكردي العام، الذي يفيد حتى الآن بتفضيل الأكراد حكومة ائتلافية، وتوجّسهم من حُكم فردي قد تفضي إليه سيطرة مقتدى الصدر على الحكومة، وخاصة أن علاقة جيّدة تجمع المالكي وبارزاني.
من جهته، قدّم «ائتلاف دولة القانون» محادثات المالكي مع بارزاني، على أنها خطوة إلى الأمام، نحو جمْع عدد كافٍ من النواب لتشكيل حكومة جديدة من جانب «الإطار التنسيقي»، إذا لم يجرِ التوصّل إلى اتفاق على حكومة توافقية في المحادثات المستمرّة مع «التيار الصدري». وفي تصريح إلى «الأخبار»، يعيد النائب عن الائتلاف، محمد حسن الشمري، تأكيد موقف «الإطار التنسيقي» الذي يَعتبر أن «الحلّ الأمثل يكون بتشكيل حكومة توافقية»، لافتاً إلى أن «التنسيقي، وحتى هذه اللحظة، هو الكتلة الأكثر عدداً، وهي التي ستُعنى بتشكيل الحكومة، وأعتقد أن الكتل الكردية ستنضمّ إليه». وفي ما يتعلّق بالمفاوضات مع «التيار الصدري»، يلفت الشمري إلى أن «هناك لجاناً مُشكَّلة من الطرفين، الإطار التنسيقي والكتلة الصدرية، تتباحث في طرح الرؤى وموضوع تشكيل الحكومة، وهي مستمرّة في التباحث والتلاقي للوصول إلى صيغة تفاهمات سياسية». وعن أسباب التأجيل المتكرّر لقرار المحكمة الاتحادية، يعرب عن اعتقاده بأن «القضاء العراقي قضاء رصين، عادة ما يمنح الفرص لكلّ الخصومات، سواءً كانت اجتماعية أو سياسية، لغرض الوصول إلى تفاهمات يمكن أن تحلّ أو تحدّ من المشكلة. ولهذا، يتمّ التأجيل والدفع باتجاه إيجاد حلول سياسية من قِبَل الفرقاء أنفسهم». ومع استمرار التباعد في وجهات النظر، تبدو عملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، معقّدة وطويلة، فيما لا تسمح موازين القوى الحالية في مجلس النواب أو في الشارع بحسمها لمصلحة طرف ضدّ آخر.