غزة | أثار تصاعُد الانتهاكات الإسرائيلية بحقّ الأسيرات الفلسطينيات في سجون العدو، غضب فصائل المقاومة، التي نقلت رسائل تهديد ساخنة عبر المصريين إلى دولة الاحتلال، في وقت ترى فيه ما يجري محاولة لابتزازها وخفْض سقف مطالبها في المفاوضات المتّصلة بصفقة التبادل، خصوصاً لناحية الإفراج عن النساء. وبحسب مصادر في حركة «حماس» تَحدّثت إلى «الأخبار»، فإن الحركة حذّرت من أن تلك الانتهاكات «كفيلة بتفجير الأوضاع في مختلف المناطق، بما فيها قطاع غزة». ويأتي ذلك فيما تستعدّ أُطر الفصائل، داخل السجون وخارجها، لحملة مساندة كبرى للأسيرات، في ظلّ حملة تنكيل متواصلة بحقّهن منذ عدّة أيام، تَمثّلت في الاعتداء عليهنّ بالضرب المبرّح وسحلهنّ وإصابة بعضهنّ، وعزل ممثّلاتهنّ، كما شروق دويات ومرح باكير، إضافة إلى الأسيرة منى قعدان.وبدأت تلك الحملة مساء الثلاثاء الماضي، في تمام الساعة التاسعة مساءً، عندما طلبت إدارة السجن من باكير، من دون سابق إخطار، تفريغ إحدى الغرف من الأسيرات، وهو ما قوبل بالرفض لتَأخُّر الوقت وسوء الطقس، وطَلب تأجيل التفريغ إلى الصباح والتفاوض مع الإدارة. لكنّ الأسيرات فوجِئْن، في تمام الساعة الـ12 والنصف من منتصف الليل، بقطْع الإدارة الكهرباء عن كامل القسم، واقتحام قوّة كبيرة من وحدات القمع الغرفة المذكورة. وعلى رغم طلَب باكير إرجاع وحدات القمع، والسماح للأسيرات بالخروج بإرادتهنّ، إلّا أن الإدارة رفضت طلبها، وعمدت إلى الاعتداء على المعتَقلات (بالسحب والجرّ) وإخلائهنّ إلى غرف متفرّقة. في المقابل، طَرَقت الأسيرات في الغرف الأخرى الأبواب كحركة احتجاجية على القمع، وعندما تجهّزت القوات الإسرائيلية لرشّ القسم بالغاز توقّفت عملية الطرْق تلك، مراعاةً للحالات الصحّية لبعض المعتقَلات. وفي اليوم التالي، عند الساعة الثانية والنصف ظهراً، اقتحمت وحدات القمع من جديد، وبأعداد كبيرة، القسم، بعدما تمّ قطْع التيار الكهربائي بحجّة إجراء تفتيش في الغرف، لتُفاجَأ الأسيرات بسحْب الأدوات الكهربائية منهنّ (سخان الماء - بلاطة التسخين - التلفزيون- الراديو)، ومن ثمّ عزْل ممثّلتهنّ النائبة شروق دويات، وثلاث أسيرات أخريات هنّ منى قعدان وياسمين جابر وربى عاصي، توازياً مع إجراء تنقّلات في الغرف كافة، تخلّلتها اعتداءات على الأسيرات اللواتي نُزع الحجاب عن رؤوس بعضهنّ، فيما فقدت إحداهنّ الوعْي تحت الضرب. وفي وقت لاحق، أعادت الإدارة الأسيرتَين جابر وعاصي إلى القسم، مع استمرار عزل باكير ونائبتها دويات وقعدان.
أعلنت الحركة الأسيرة دعمها قرار الأسرى الإداريين مقاطعة المحاكم الخاصّة بالاعتقال الإداري


وجاءت عملية التنكيل تلك، وفق «نادي الأسير الفلسطيني»، بعدما رفضت الأسيرات إجراءات جديدة أعلنت عنها الإدارة بحقّهنّ، من بينها حرمانهنّ من «الكانتينا» والزيارات، وفرض غرامات مالية عليهنّ. وفي مقابل ذلك، بدأت المعزولات إضراباً مفتوحاً عن الطعام احتجاجاً على ممارسات الاحتلال، بحسب النادي، الذي لفت إلى أن بعض هؤلاء ما زِلْن في العزل، ولا يُعرَف شيءٌ عن وضعهنّ. من جهتها، أشارت «لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية» إلى أن الأسيرات «يتعرّضن لاعتداءات على مرأى ومسمع العالم الذي يدّعي الحرية والإنسانية»، مضيفة أن «العدو الصهيوني لا يحترم القانون الدولي ولا المواثيق الدولية الخاصة بالأسرى». ومنذ أيام، تعيش عائلات 32 أسيرة في سجن الدامون، خصوصاً، حالة من القلق على مصير بناتهنّ، في وقت وَجّهت فيه مناشدات إلى الفصائل الفلسطينية والمؤسّسات الدولية للتدخّل لوقْف الانتهاكات الخطيرة المتواصِلة بحقّ المعتَقلات. وفي تعليقه على هذه التطوّرات، نبّه مسؤول مكتب الشهداء والأسرى والجرحى في حركة «حماس»، زاهر جبارين، إلى أن «الجريمة التي اقترفتها إدارة سجون الاحتلال، تُمثّل انتهاكاً صارخاً وتجاوزاً لكلّ الخطوط الحمراء»، مُهدّداً بأن «هذا الانتهاك لن يمرّ من دون حساب»، وبـ«أنّنا لن نسمح بالاستفراد بالأسرى والأسيرات، ولن يكونوا وحدهم في معركتهم». وحذّرت حركة «الجهاد الإسلامي»، بدورها، من مغبّة الاستمرار في ما يجري، فيما وصف عضو «اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، ماهر مزهر، الاعتداء على الأسيرات بأنه «برميل وقود قد يؤدّي إلى انفجار»، مؤكداً أن «هذا الملفّ خطّ أحمر ولن يقف شعبنا ومقاومته مكتوفي الأيدي».
إلى ذلك، أعلنت الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال، أمس، دعمها قرار الأسرى الإداريين مقاطعة المحاكم الخاصّة بالاعتقال الإداري، مُعلِنةً أنه تمّ التواصُل مع «هيئة شؤون الأسرى» و«نادي الأسير» لتنسيق الخطوة كـ«مشروع وطني جامع سيبدأ من تاريخ 1/1/2022»، داعيةً «أبناء الشعب الفلسطيني وقواه الحيّة في كلّ أماكن تواجده، إلى مناصرة الخطوة والعمل على إطلاق حملة تضامن واسعة معها». كما دعت الحركة المؤسّسات الحقوقية والقانونية إلى «أخذ دورها الحقيقي، وتفعيل إجراءاتها من أجل إلغاء سياسة الاعتقال الإداري، ودعم الأسرى الإداريين في خطوتهم الشجاعة»، حاضّةً هؤلاء «في مختلف قلاع الأسر على الالتزام الكامل بهذه الخطوة، والتحلّي بالصبر والنفس الطويل من أجل تحقيق الأهداف المَرجوّة». ويأتي هذا التطوّر فيما يُواصل الأسير هشام أبو هواش إضرابه المفتوح عن الطعام لليوم الـ126 على التوالي ضدّ استمرار اعتقاله الإداري، وسط تحذيرات من تدهور وضعه الصحّي بشكل خطير.